يا حب...

Ad

أنا عبدك الذي لا يرى سيّداً غيرك، ولا يريد سيّدا سواك،

أنا المؤمن بآياتك ومعجزاتك والمصدّق بها،

أنا الحافظ سرك المقدّس، والشاكر نعمك والممتن لفضلك،

أنا رسولك الأمين... أحمل رسائلك الذهبية تحت جنح الليل وفي عزّ النهار وأدسّها في إيدي المعوزين وأوصيهم بحفظها ليصبحوا أغنياء...

أنا درويشك الطيّب الذي يغني باسمك في الشوارع ويقرأ تراتيلك غير مكترثٍ بضحك مستهزئ، أو ظلم ظلوم... لا يتبعني من المخاليق سوى براءة الأطفال وقلّة حيلة المستضعفين،

أبشّر بمفاتيح نورك أقفال الظلام... أسقي من مائك الطاهر قوافل الظمأ التي أتعبها المسير في الصحراء... وأعمّد به صوتي لتتبارك أغنيتي، وأبلّل به غصن الصبّار ليتساقط منه الشوك.

أقرأ كلماتك على أبواب القلوب المغلقة لعلها تُفتح.

أخبّئ بين جوانحي خارطة الطريق إلى مغارتك السحرية المليئة بالكنوز، وخارطة أخرى تدل على جداولك العذبة،

أحمل تربتك النقية على ظهري المحني، وأفرش بها الصدور لتنبت فيها أشجارك الباسقة الوارفة.

أجلس على الأرصفة في الشتاء القارس لأوزّع خمرتك المعتّقة على من لا معطف له.

أكتب مكاتيب باسمك لأحباب لا أعرفهم وأدمغها بختمك المعتمد،

أشعل في معبدك الشموع والبخور كل يوم.

لم أتخاذل بأداء صلواتك كلها يوماً من الأيام، ولم أحاول أن ألتمس لروحي عذراً للتقصير بها، لم أجمع بها ولم أقصر عند السفر، أو عند انهمار المطر،

لم أتوان يوماً في خدمتك، ولم يصبني الوهن أو يتسرّب لقلبي الملل.

لا أرتجي سوى رضاك، ولا أطمع سوى بجنّتك.

لم يساورني الكفر بك ولا طرفة عين... ولم يزعزع إيماني بك كثرة المشككين ولا حججهم.

ها أنا يا حب...

أركع خاشعاً عند بابك... جامعاً كل الغيوم في مقلتيّ،

لا أشتكي عذابك فأنا أستحي أن أفعل، ولا أعترض على قضائك فأنا المؤمن بعدلك حتى وإن بدا لي في لحظة ضعف إنساني أن به شبهة ظلم!

يا حب...

"إني مسّني الضر"... وشقيتُ من حِمل الهوى،

عهدتني صابرا شاكرا،

لا أنسى كرمك حين تشحّ،

ولا أجحد مطرك حين تجدب،

وتسترجعك ذاكرتي ربيعاً حين تصبح قيظاً،

الآن... أشعر أن أضلعي من ورق... وقلبي نار يذكيها الجنون،

لهبٌ أنفاسي، ووجعٌ يعصر روحي، أقاوم حيناً وأنهار حيناً حتى تعبت،

أصابني الوهن أو يكاد،

يا حب...

 ناشدتك بقلبي المنذور لك،

وعمري المرهون لطاعتك،

ويقيني الراسخ بجمالك،

أن تمنحني صبرا يفوق عذابي، وأن تجعل هذا العذاب طهوراً يقرّبني من بركاتك،

لا أسألك أن تطفئ هذه النار المستعرة، ولكن اجعلها برداً وسلاماً على قلب عاشق.

أناديك بكل أسمائك وأدعوك بكل محبتي لك،

أن تعين قلبي بصبر لا ينضب... وأن لا تنزع من قلبي إيماني بك.