يبدو أن ثقافتنا السياسية لا تستوعب أو لا تريد أن تتقبل مفاهيم الديمقراطية والتمثيل البرلماني وقواعد اللعبة... والحل الأسلم من وجهة نظري يكمن في إتاحة الفرصة الحقيقية لمبدأ المشاركة من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية أولى مهامها إعادة التلاحم الكويتي وتبني رؤية جديدة لبناء البلد من جديد في ترجمة عملية وواقعية لنصوص الدستور.

Ad

في ظل التوقعات باستقالة الحكومة وبطبيعة الحال العودة إلى المربع الأول لتشكيل حكومة جديدة، فإن الحديث السياسي لا بد أن يدور في إطار ماهية المشاورات المرتقبة، وما قد تسفر عنها، وهذه سمة طبيعية في أي حياة ديمقراطية، ولكن يبدو أن ثقافتنا السياسية لا تستوعب أو لا تريد أن تتقبل مفاهيم الديمقراطية والتمثيل البرلماني وقواعد اللعبة الخاصة بها.

وإذا أخذنا التركيبة النيابية الحالية وما تتمتع بها الأغلبية من كسبها لحوالي %70 من مقاعد المجلس، وعرضناها على أي نموذج برلماني في العالم: العريقة منها أو الناشئة، الغربية منها أو الشرقية، الأوروبية منها أو الإفريقية، نجد أن هذه الكتلة هي مخولة دستورياً بتشكيل الحكومة.

ولكن تظل الخصوصية الكويتية والنواقص الرئيسة في البنية الديمقراطية ومتطلباتها الأساسية عقبة كبيرة أمام تحقيق هذا المشروع السياسي، فلا توجد أحزاب متكاملة لها رؤية شاملة لإدارة شؤون الدولة، ولا توجد خبرة حقيقية لدى العديد من النواب في المهام التنفيذية، وفي نفس الوقت تعاني الأجهزة الرئيسة في البلاد اختلالات خطيرة وتراكمات من الفساد الإداري والروتين المزمن والفراغ التشريعي في مكامن حيوية؛ لا سيما في تعيينات الوظائف العليا، الأمر الذي قد يضع مثل هذه الكتلة البرلمانية العريضة في مأزق سياسي، وبالتالي أمام احتمالات فشل كبير.

وإضافة إلى ذلك، فإن انعدام الثقة بين شرائح المجتمع الكويتي والهواجس التي تخيف الكثير من الناس، إن الكتل البرلمانية- رغم هشاشتها- لا تحمل أجندة وطنية بقدر ما تحمل رؤى ضيقة قد تقود البلد إلى مستقبل مجهول في حال تفردها بالقرار التنفيذي، وهذه الهواجس نابعة من طبيعة التصريحات والاقتراحات النيابية التي يطلقها البعض من كتلة الأغلبية وعلى مدار الساعة خصوصاً في الفترة الأخيرة.

لذلك، فإن الحل الأسلم من وجهة نظري يكمن في إتاحة الفرصة الحقيقية لمبدأ المشاركة من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية أولى مهامها إعادة التلاحم الكويتي، وتبني رؤية جديدة لبناء البلد من جديد في ترجمة عملية وواقعية لنصوص الدستور.

وهنا ندعو كلاً من سمو رئيس مجلس الوزراء من جهة، وكتلة الأغلبية البرلمانية من جهة أخرى لطرح رؤيتيهما لمفهوم الحكومة الجديدة وبرنامجها الاستثنائي للسنوات الأربع القادمة على الأقل حتى نستطيع أن نقيّم كشعب أي من الفريقين يمكنه أن يكسب ثقة الكويتيين، وذلك أسوة بكل ديمقراطيات الكون!