هكذا ننتقل من الشباب إلى الحكمة

نشر في 07-07-2012 | 00:01
آخر تحديث 07-07-2012 | 00:01
No Image Caption
قد يعيش الإنسان من 80 إلى 95 عاماً أو أكثر، وخلال الانتقال من مرحلة الشباب إلى مرحلة الحكمة، يحظى ببعض الوقت كي يملأه كما يشاء ويعطي له معنى، أي بين عمر الخامسة والخمسين والخامسة والستين. في هذه الفترة ينتقل الإنسان من الحياة العملية إلى عمر التقاعد، وهما عالمان بعيدان كلّ البعد عن بعضهما.

تبحث المرأة عن اهتماماتها في المجلات وعالم الموضة، وتكترث إلى حد بعيد بالمظهر الخارجي. في الستينيّات، كانت المرأة تبلغ قمة نضوجها في الخامسة والعشرين أو الثلاثين، أمّا في السبعينيات والثمانينيات، ففي الثلاثين أو الخامسة والثلاثين، فالمرأة لم تعد تتزوّج باكراً. ومع حلول عام 2000، أصبح عمر الأربعين السنّ المثلى التي تسمح للمرأة بتحديد هويتها. هنا يفرض استنتاجان نفسيهما:

-1  لم تعد الشيخوخة تقاس بالسنوات فالمرأة تستعيد شبابها وأكبر دليل على ذلك الإعلانات التي تجمع الأمّ وابنتها. فالتغذية الراهنة، والطب والجراحات التجميليّة، قد غيّرت مظهر المرأة بشكل كامل.

-2  عمر الأمومة أصبح طويلاً، فالمرأة باتت قادرة على الإنجاب في سن الخامسة والأربعين، ما يسمح للمرأة بالشعور أن حياة جديدة تبدأ مع هذا الطفل. هذه حال لورانس فيراري ومونيكا بيلوتشي.

يرتبط النضج أيضاً بعمر معيّن، وعلى المرأة أن تختار التوازن بين ديكتاتوريّة سن الشباب وحكمة الشيخوخة. وقد تمّت ملاحظة نقاط مشتركة بين اللواتي يتحدّثن عن نضجهن:

-  حسّ الشباب الذي يمنح المرأة شعوراً بالسعادة والتفاؤل.

-  إدراك الوقت فالعمر يسمح للإنسان بإدراك موقعه والمسافة التي يبقى عليه اجتيازها.

-  الخبرة وهي عامل إيجابي، تعلّم الإنسان عدم ارتكاب الأخطاء نفسها وكيفيّة التعامل مع الظروف الصعبة بحكمة.

-  شغف جديد، فالشعور بالحريّة وإدراك حقيقة الذات وما يطمح إليه المرء يجعله يشعر بشكلٍ أفضل. عندما يدرك الإنسان أن الوقت يمرّ، يركّز على تلبية رغباته ما يمنحه سعادةً داخلية. -  حرّية من نوع آخر، فبعد التضحية بالذات من أجل العائلة والشريك، تحتاج المرأة إلى تخصيص بعض الوقت للذات. هكذا، تركّز على نفسها وعلى حاجاتها. قد يرغب البعض في تغيير الوظيفة والغوص في مجالات أخرى فينشئ عملاً خاصّاً به. من المستحيل أن يتقن الإنسان الأمور كافة، إلا أن الوقت يكون عندها مناسباً لاكتشاف قيمة الذات.

معرفة الذات بشكلٍ أفضل

أحياناً، يمرّ الإنسان بالصدفة بظروف تشعره بالسعادة ولكن لا يجب أن يعتمد عليها دائماً. على المرء إدراك نقاط ضعفه ونقاط قوّته وتحمّل المسؤوليات التي تفرض عليه. من المنطقي إذاً أن يرتبط النضج بالعمر الذي يسمح للإنسان بإدراك جوانب شخصيته كافّة إنما أيضاً بقدرة المرء على اتخاذ قرارات جديدة.

الثقة بالنفس

تزداد ثقة الإنسان في نفسه مع مرور الوقت وتختلف عن تلك الثقة التي يشعر بها في عمر العشرين، فهي تستند إلى واقع الحياة التي عاشها الفرد في الماضي. تقوّي المرأة بدورها خبراتها، سواء كانت جيدة أو سيئة. إضافة إلى ذلك، عندما يدرك الفرد أن جسده فانٍ، يستمتع أكثر باللحظات السعيدة. فالتقدم في السن يزيد المرء غنى وسلاماً. كي يحقّق الإنسان ذاته، يعطي الأولوية لاستقلاليّته ولذكائه، أي الإدراك، الفهم والحب.   ما هي مفاتيح النضج؟

النضج هو المرحلة التي يصل فيها الإنسان إلى كامل تطوّره. فبعد أن ينمو بشكل طبيعي، يصل إلى مرحلة التحوّل الكامل كعبور المراهق من مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ. يسهل تحديد فترة البلوغ الجسدي أكثر من البلوغ العاطفي أو الفكري. فموزارت مثلاً ألّف مقطوعة رائعة في سنّ الخامسة والثلاثين وألبرت أينشتاين وضع نظريّة النسبيّة العامة في السابعة والثلاثين من عمره. لذلك، يصعب تحديد فترة النضج الأقصى لدى المرء. وضع جيزيل مفهوم سمة النضج كي يتمكّن من تحديد موقع الطفل منه، وهو عبارة عن مجموعة تصرّفات وألفاظ الطفل أو المراهق.

-  النموّ الجسدي: يسمح بتحديد نضج الشاب بما أن قدراته الجسديّة كافة تطوّرت. يكتمل نمو جسم الفتاة عندما تبلغ 16 سنة، أمّا جسم الصبي فعند بلوغه 18 سنة.

-  النموّ الفكري: عندما يبلغ المراهق 12 سنة، يبدأ بتعلّم المفاهيم النظريّة. وعندما يكمل السادسة عشرة، يتعلّم البرهنة ويفرح بمعارضة أفكار غيره. بدءاً من سنّ السابعة عشرة، يتحكّم أكثر فأكثر بالمسائل العقلية ويضع مخططات ثابتة بإمكانه تحقيقها. في هذه المرحلة، تكون أفكاره منظّمة. إذا امتلك المراهق طريقة عمل فاعلة، فسيتمكّن طيلة حياته من تطوير معارفه ومهاراته.

-  النموّ الاجتماعي: التنشئة الاجتماعية هي اكتساب المراهق السلوك الذي يقبل به محيطه.  فالشباب يدركون أن ما هو مقبول في أحد الظروف ليس مقبولاً في ظرفٍ آخر. النضج الفكري

يرتبط النضج الفكري بالنضج العاطفي. يعتاد الإنسان الناضج على رفض كل شعور بعدم الثقة وعلى قبول التقدير والثقة في النفس وفي الآخرين بحذر. وفقاً لروجيه، الحب الناضج جوهري أكثر من الغريزة الجنسيّة أو الشعور بالأمومة أو الأبوّة. من يحبّ بنضجٍ يهتمّ لمصلحة المحبوب فلا يعيق تقدّمه ولا يستخدمه لغايات أنانية. في ما يتعلّق بالتصرفات، يبرز النضج في اعتماد الفرد سلوكاً مستقلاً عن غيره وعدم لجوئه إلى المواقف الدفاعيّة. الإنسان الناضج يقيّم نفسه عن طريق خبراته، يعي المسؤوليّة التي تقع على عاتقه في أي ظرفٍ كان ويستطيع التمييز أن محاوريه يختلفون عنه، ما يعزّز الحوار.

كيف يبلغ الإنسان الحكمة؟

الحكمة هي تحقيق التوازن بين الأهواء والمسائل التي يفرضها العقل، يصل الإنسان إليها عبر المعرفة وفهم نظام الطبيعة. فقد طلب سقراط من ذويه البحث عن جوهر الأمور وتحسين أنفسهم أمّا أرسطو فقد اعتبر أنّ التأمل الفكري يقود الإنسان إلى السعادة. على المرء أن يتحكّم برغباته وينظّم حاجات جسده وروحه. يصبح الإنسان ناضجاً في عمرٍ معيّن وقد لا يصل البعض إلى النضج حتى ولو أصبح عجوزاً. كي يتمتّع الإنسان بالنضج، عليه العمل على نفسه وتنمية الذات، ما يسمح له بتطوير قدراته الإبداعية وبتحرير شخصيته من عبودية المظاهر.

back to top