وأخيراً رفعت حكومة الشيخ جابر المبارك كتاب عدم التعاون إلى سمو الأمير؛ لتقترب صفحة أحد أكثر المجالس جدلاً في تاريخ الكويت، وتنتهي صفحة تاريخية وضعت فيها المحكمة الدستورية الكثير من القواعد التي ستكون نبراساً تسير عليه السلطتان في المستقبل... لكن ماذا بعد الحل؟!

Ad

إننا نعيش في مثلث لا يريد أحد من أضلاعه الإصلاح:

فالشعب "يوصل" مراراً وتكرارا نواب الخدمات ونواب القبيلة والطائفة، وهذه النوعية من النواب هي المفضلة من قبل الحكومات لسهولة استمالتها ومساومتها والتحكم بقراراتها!

فيكون الضلع الثاني، وهم نواب الشعب واضحو الطلبات، غير جادين في الإصلاح الحقيقي، وينصبّ تركيزهم على إعادة انتخابهم مجدداً والمنفعة على المدى القصير!

أما الضلع الأخير، وهو الحكومة، التي عادة ما تكون ضعيفة تركز على بقائها لأطول فترة ممكنة، لا تهتم بمستقبل البلد كما تهتم لحاضرها، فتقوم بشراء الولاءات، عن طريق قدرتها الضخمة على الوصول إلى جميع أذرع الخدمات التي تكون تحت إمرتها، فتسوء حال الإدارة ولا يستطيع الشعب أن يسيّر مصالحه إلا عن طريق نواب "الواسطات" و"الخدمات"... و"هلمّ جرا".

إن هذه الأضلاع الثلاثة إن صلح أحدها صلحت بقية أضلاع المثلث، وإن فسد أحدها ولم يقومه أحد فسدت بقية الأضلاع، فإن أوصل الشعب، وهو الأقوى بهذا المثلث ومصدر السلطات فيه، نواباً لم يعرفوا بالفساد والطائفية والخدمات، وبعد أن يوصلهم يتابعهم ويحاسبهم على مواقفهم المعلنة ومواقفهم الحقيقية، فلن تجد الحكومة من تشتريه وتستميله، وستضطر أن تقوم بعملها على أكمل وجه خوفاً من محاسبة النواب "السنعين"، وعندها ستقوم بتحسين خدماتها ووزارتها ولن يحتاج المواطن عندها أن يقفز عن طريق نائبه أو "صنمه"، ولن تضطر الحكومة أن ترفع بيدها الطويلة أناساً فوق آخرين لمصالح سياسية.

لكن كل هذا يظل في حكم المثاليات والنظريات وحبراً على ورق، ومن غير المتوقع أن تتغير الحال قريباً- للأسف الشديد- لكن لا نملك سوى مناشدة كل من يخاف على هذا البلد. إننا على شفا حفرة من الانهيار، ونحن نعيش تحت ظل أطلال دولة؛ فإما أن نعيد البناء وإما أن يسقط علينا ما بقي من الأطلال.