حكم الدستورية وعدالة الحكومة!

نشر في 28-09-2012
آخر تحديث 28-09-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. حسن عبدالله جوهر لم تنتصر المحكمة الدستورية في حكمها برفض الطعن الحكومي في قانون الدوائر الانتخابية للشعب الكويتي أو للديمقراطية فحسب، بل أغلقت باباً من أبواب الفتنة والدخول في نفق مظلم آخر وفي ظل أجواء مضطربة واحتقانات متراكمة وعدم وجود أي رؤية حكومية تبعث على الأمل في المستقبل. ولست بصدد التعليق على حكم المحكمة حيث ذكرت في المقال السابق أن ذلك القرار لن يقدم أو يؤخر في ظل بقاء الحالة السياسية في دائرة مغلقة وعقيمة بين الحكومة ومواليها من جهة وكتلة الأغلبية ومسانديها من جهة أخرى. وفي طيات أزمة اللجوء إلى المحكمة الدستورية، استوقفتني انتفاضة الحكومة المفاجئة لمفهوم العدالة والانتصار لحق المواطن الكويتي في أن يكون له صوت متساو في صناديق الاقتراع بين الدوائر الانتخابية المختلفة، والأغرب من ذلك أنها اختارت الطريق الصعب للذهاب إلى أبعد مدى ولو على حساب وضع البلد برمته على كف عفريت من أجل هذه العدالة! ولكن السؤال البريء الذي نوجهه إلى الحكومة وأنصارها خصوصاً من المطبلين لها بالحق والباطل، أين حليب السباع الذي شربته فجأة من أجل العدالة بين المواطنين في ممارستها اليومية وهي المسؤولة عن السياسة العامة للدولة من التعيينات في السلك العسكري من الشرطة والجيش؟ وأين هي عدالة الحكومة في تولي الوظائف الإشرافية في الوزارات والهيئات بدءاً من رؤساء الأقسام حتى وكلاء الوزارات؟

وأين عدالة الحكومة في إرساء المناقصات والمشاريع التي تكلف الخزينة العامة للدولة المليارات من الدنانير على الشركات والتي لم تعد خافية حتى على الأطفال من تنفيع وتدخل مباشر وحتى الشراكة فيها "من تحت لتحت"؟

وأين العدالة يا حكومة في قرارات العلاج بالخارج حيث العشرات من الشباب والأطفال يتجرعون الموت البطيء من أمراض السرطان والكثير من الأصحاء يصولون ويجولون مع مرافقيهم في المدن الأوروبية والأميركية باسم المرض؟ وأين العدالة يا حكومة والبلد ينهب من الشق للشق ونواب يتحولون إلى "مليونيرية" خلال أشهر، ولم نجد أي مسؤول يحال إلى جهات القصاص ليحاسب ويعاقب؟

وأين عدالة الحكومة في تمرير الكوادر وزيادة الرواتب لناس دون ناس وبقرارات فردية من بعض الوزراء على حساب المال العام؟

وأين عدالة الحكومة في بناء بلد لجميع مواطنيه، وفي عهد ثروة مالية غير مسبوقة، لينعم فيه الكل بمستوى راقٍ من الخدمات العامة دون منّة أو فضل أو وساطة من أحد؟ يبدو أن الحكومة وبتاريخها السياسي الطويل لا تعرف طريق المحاكم إلا لمواجهة الشعب والانتقام من الديمقراطية، أما أبواب القضاء الأخرى فلا ولن تعرف لها أي طريق؟

فلتحيا العدالة مع حكومة كهذه!

back to top