حكومة الفتنة!

نشر في 27-07-2012
آخر تحديث 27-07-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. حسن عبدالله جوهر الطامة الكبرى في مشروع الحكومة أنها لا تدعو وبشكل واضح وصريح إلى قبول فكرة المسميات الفئوية وتحديداً الشيعة والسنّة والحضر والقبائل الصغيرة مثل الهواجر والعنزة فحسب، بل تحاول وبقرار رسمي إعادة توزيعها على المناطق الانتخابية وكأن الشعب الكويتي مجرد أحجار شطرنج يتم التلاعب بها بمزاجية خاصة.

تسريب الحكومة لمشروع تعديل الدوائر الانتخابية يدعو إلى القلق بشكل خطير، خصوصاً في ظل الأوضاع السياسية الراهنة وحالات التعصب بكل أشكالها وأنواعها، ومما يدعو إلى مزيد من الإحباط أن الحكومة قد أرسلت مثل هذا المشروع إلى بعض جمعيات النفع العام، وبالتأكيد إلى بعض أصحاب النفوذ والشخصيات السياسية المبنوذة شعبياً للاستئناس برأيها حول هذا الموضوع.

والطامة الكبرى في مشروع الحكومة أنها لا تدعو وبشكل واضح وصريح إلى قبول فكرة المسميات الفئوية وتحديداً الشيعة والسنّة والحضر والقبائل الصغيرة مثل الهواجر والعنزة فحسب، بل تحاول وبقرار رسمي إعادة توزيعها على المناطق الانتخابية وكأن الشعب الكويتي مجرد أحجار شطرنج يتم التلاعب بها بمزاجية خاصة، أو استخدام فئات شعبية محددة في لعبة سياسية من أجل الخروج من مأزق سياسي آني.

وإنني لأستغرب أن يكون سمو رئيس مجلس الوزراء على دراية بمثل هذا العبث الخطير، ولا يأمر بوقف هذه الجريمة المنظمة بحق الكويت وأهلها فوراً. وقد نقبل أن الدوائر الانتخابية الحالية معيبة بتكريس الفئوية والقبلية والطائفية، وبدأت تحوم حولها شبهات دستورية لعدم تكافؤ الناخبين في كل دائرة إضافة إلى اختزال حق الناخب في 40% من اختيار نواب دائرته، ومثل هذه العيوب احتضنتها الحكومة أخيراً، ولكن المضحك المبكي أن تسعى الحكومة ذاتها وبتحريض من أصحاب المصالح الضيقة إلى إعادة تقليص حق الناخب- غير الدستوري أصلاً كما تزعم- إلى 20% أو حتى 10% من خلال التصويت لمرشحين اثنين أو مرشح واحد في كل دائرة انتخابية، وهذه مهزلة سياسية أخرى في حد ذاتها!

كنا نتأمل أن تبادر الحكومة بدعوة جمعيات النفع العام والمتخصصين الأكاديميين، أو أن تشكل فرق عمل لبحث نظام انتخابي يقوم على تخفيف الوتيرة الطائفية والقبلية والفئوية، ومن شأنه أن يعزز الخطاب الوطني للمرشحين لعضوية مجلس الأمة، ويرغم الجميع باستبدال اللغة العاطفية في برامجهم إلى رؤى وأطروحات تخدم البلد وتدعم مؤسسات الدولة وتسترد هيبة القانون، وتجعل من المرشح الذي يفوز في الانتخابات ممثلاً حقيقياً للأمة، وحتى تكون الحكومة نفسها شريكاً واقعياً ومخلصاً في إدارة شؤون هذا البلد الذي بات ممزقاً، لا أن تزيد في تمزقه.

وإذا كان هذا هو نَفَس الحكومة وتفكيرها بعد نصف قرن من الدولة الدستورية للاستمرار في خديعة الألاعيب والفتن الطائفية والقبلية والفئوية، خصوصاً في هذا الوقت، فكيف نلوم النواب والمرشحين الذين لا يسعى بعضهم إلا للحصول على كرسي واحد وعسى البلد احترق بمن فيه؟... حسافة عليك يا كويت!

back to top