«بوابة 9» مجلة جديدة في بيروت... نحو ثقافة مدينية
انضمت «البوابة التاسعة» إلى لائحة المجلات الثقافية الصادرة حديثاً، المجلة المدينيّة الأولى التي تصدر باللغتين العربية والإنكليزيّة، تقدّم في عدد انطلاقتها ضمن موضوعة «المُتَخيّل» محاورة بين روائي عراقي ومعماري بغدادي رائد يمتهن الهندسة منذ خمسينيات القرن الماضي، إضافة إلى مقالات تحليليّة في مدن عدّة، من جنوب السودان إلى الأناضول في تركيا وأوردوس في الصين، ومقالات أدبيّة ونقديّة وبصريّة ومرويّات لكتّاب ومؤرّخين ومصوّرين وأشخاص هامشيين من بيروت والقاهرة وأثينا وأصفهان وغيرها من المدن.
مجلة «البوابة التاسعة»، التي تنطلق من خلفية محض ثقافية ويرأس تحريرها الزميل فادي الطفيلي، ميزتها أنها لا تحمل مشروعاً أيديولوجياً أو سياسياً، وليس فيها ما يمكن تسميته «نرجسية المثقف» سواء أكان «المثقف العضوي»، أو «المثقف اليساري» أو «المثقف الانتقادي» و{الوطني» وحتى «الفهيم في الشؤون اللبنانية»، فالمجلة تضمّ مروحة من الكتاب الشبابيين والتقليديين، من المعروفين المكرسين ومن الجدد، وفيها من المواضيع الثقافية التي يمكن قراءتها ككتاب ولا تتعلق بلحظة آنية أو ظرفية، وهي وإن كانت نخبوبة في أفكارها ولكنها شبابية في توجهها، تحمل دلالات المدينة من جوانبها كافة، موجهة في الأساس إلى القارئ الذي يحب الثقافة المدينية ويتعامل مع محيطه بهدوء وروية ومن دون ضجيج، هي إلى حد ما تشبه مجموعة محرريها الذين يحبون المدينة والثقافة الفردية، ولكن دون أن تكون الفردية عنواناً إيديولوجياً أو ثقافياً يعملون على ترويجه كما فعل بعض المجلات في مراحل سابقة.كتب فادي الطفيلي في تقديم العدد الأول من المجلة منطلقاً من الشاعر البرتغالي بيسووا: «أنّ المكان القائم والمحسوس، هو مدخل إلى الـ{لإمكان»، والواقع أمامه هو نقطة بدايةٍ لرحلة غير محدّدة لا تُبلغ خواتيمها. «إنّي لم أبحر من أيّ ميناء أدركته. حتّى إنّني اليوم لا أعرف أيّ ميناء كان ذلك، كوني لم أبلغه بعد». وقال الطفيلي عن المجلة بأنها «تُعنى بشؤون المكان المدينيّ وبمستجدّاته المختلفة والمتشعّبة، مجلّة تصدر من وسط بيروت العائد من تجارب كثيرة. فإنّ استحضار بيسووا واستلهامه جاءا من كون الأخير مثّل علامة فارقة في اتّخاذ المدينة، بأمكنتها وفضاءاتها، مجالاً لاختبارات المخيّلة الجامحة. إذ إنّ المدينة، على عكس المكان الفطري، أو الريفي، المُشاد في الغالب وفاقاً لحاجات العيش العضويّة الأولى واستجابة لمتطلّباته الملحّة، احتملت وتحتمل على الدوام حيّزاً يتجاوز الكتل الفطريّة والتحاماتها ويسعى إلى التحرّر منها. التجاوز المدينيّ المذكور، المُتقدّم إلى رحابة الرؤى والافتراضات، يتجسّد حركة غنيّة بالمظاهر تشمل العمران وثقافات العيش والأهواء والأنشطة الفكريّة والفنّيّة. فالمدينة انطلاقًا من نقيضيّتها الموصوفة للأمكنة الفطريّة، طالما اتّسمت بما يستحثّ التخيّل والتفكير المسبق والتجربة الذهنيّة، بوسائلها المتعدّدة، ذلك كتأكيد ٍعلى جوهرها المدينيّ الكامن». اهتمت المجلة في العدد الأول بمحور عن المتخيل في المدينة، وكتب فيها وضاح شرارة وحازم صاغية ومالو هالسا وليبين مورو ومحمد سويد ويوسف بزي وشاكر الأنباري وحاتم إمام وغيرهم...
أحكام مسبقةثمة من سيطلق أحكاماً على البوابة التاسعة من منطلق أيديولوجي «طبقي»، وقبل أن يقرأ مضمونها وجوهرها سيقول إنها مدعومة من شركة عقارية ورأسمالية، وما إلى هنالك من كليشيهات. تعيد مجلة «البوابة التاسعة» فتح النقاش حول المجلات الثقافية في لبنان وغيره من دول العالم العربي، إذ لوحظ أن ثمة موجة في العودة إلى المجلات الثقافية، مرده الحاجة إلى منابر جديدة في زمن تحولت الصفحات الثقافية في الصحف إلى وجبات سريعة لا تلبي طموحات بعض الكتاب والباحثين، أيضاً المجلات تأتي في إطار ما يمكن تسميته مشاريع ثقافية، سياسية أو فردية أو سلطوية. حتى الآن لم تقدر أي من المجلات اللبنانية الجديدة في قول أمر جديد، ما زالت إما غارقة في الذاكرة والتاريخ وإما غارقة في الزواريب الضيقة والرمزيات غير المفهومة، أو أنها تعاني مشاكل مادية وبالتالي لا تقدر أن تفرض ما تريده على الكتّاب، ولا يمكنها تقديم محاور مميزة وراهنية.مشكلة بعض المجلات الصادرة في الخليج أنها محدودة السقف، تعتمد على الأسماء المعروفة في الثقافة العربية ولكنها لا تهتم بالمواضيع الساخنة، بعضها أقرب إلى تنفيعات ثقافية إذا جاز التعبير، عشرات الزوايا لمثقفين وشعراء وروائيين بمضمون «خلبي».وعلى هامش تناول المجلات الثقافية، ترددت معلومات تفيد بأن الروائي حسن داود والكاتبة ديمة ونوس يستعدان لإصدار مجلة ثقافية عنوانها «مرايا».حفلة موسيقيةبمناسبة انطلاقها مجلة «بوابة 9» دعت إلى حضور حفلة موسيقية ارتجالية بمشاركة المغنية سعدات توركوز في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في أسواق بيروت. وسعدات فنانة من أصول كازاخستانية تركية تعيش راهناً في زيوريخ، أصدرت خمسة ألبومات أدت في بلدان مختلفة مع موسيقيين ارتجاليين أمثال إليوت شارب، فريدي ستودير، وفيرنير لودي. ومن الموسيقيين المشاركين في حفلة بيروت سنتيا زافين، شريف صحناوي وطوني أيليا.