فجر يوم جديد: السماء لا تُمطر أفكاراً سوداء!

نشر في 04-06-2012
آخر تحديث 04-06-2012 | 00:01
No Image Caption
 مجدي الطيب فجأة، وفي خطوة غامضة تعكس نية خبيثة، وخلطاً غير مقبول بين الفن والسياسة، تحولت شخصية عربية مشهورة إلى بطلة لأكثر من مشروع سينمائي مصري، تم الإعلان عنه أخيراً، في إعادة إنتاج لتفكير عقيم وأرعن كان سائداً في عصور سابقة، يقوم فيه كتاب ومخرجون، ومن ورائهم منتجون «انتهازيون» مجهولو التوجه والهوية، باستثمار غضب «النظام» من أي شخصية ليتم تصفيتها معنوياً على الشاشة، من خلال أفلام تسخر منها أو تتندر بها، في نفاق رخيص غالباً ما يُفضي إلى مشاريع «وهمية» لا ترى النور!

في هذا السياق فاجأنا المخرج علي رجب بتصريح «كوميدي» يؤكد فيه أنه سيخرج فيلماً عن «الشيخة موزة»، ولم يتحرج من القول إن الفيلم رُصدت له ميزانية مفتوحة، لكنه لم يتطرق إلى الكيفية التي حصل بها على التمويل، وعلى هذه الميزانية «المفتوحة»، على حد قوله، مثلما لم يكشف عن هوية الشركة المنتجة أو جنسيتها، مكتفياً بترديد «خزعبلات» حول توظيف زوجة أمير قطر لقناة «الجزيرة» في حرب إعلامية ضد مصر، وتصديرها الإسلام السياسي!

مراهقة سياسية، ومهاترات رخيصة، ستتحول، في حال البدء في تصوير الفيلم، وهو احتمال غير وارد بتاتاً، إلى «هلوسة سينمائية» بمعنى الكلمة؛ فالمشروع المقترح، كما كشف عنه مخرجه برعونة أحسده عليها، لم يكتف بالهجوم، وإنما تجاوز هذا إلى  الربط بين وجود أصابع خارجية واندلاع ثورة 25 يناير، في إساءة بالغة، وغير محسوبة، للثورة، والذين قاموا بها!

العجيب أن المخرج أعلن، بثقة، جرياً على عادة هذه المشروعات «الوهمية»، التي تعكس نوعاً من «الجنون المؤقت» أصاب أصحابها، ووجد لنفسه مكاناً في الصحافة الصفراء ومنتديات «النميمة» المنتشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن النجمة غادة عبد الرازق ستجسِّد الشخصية الرئيسة في الفيلم، لكن النجمة أدركت، في ما يبدو، حجم المأزق الذي تورطت فيه من دون إرادة منها، فأعلنت في اليوم التالي مباشرة رفضها للدور وأنكرت وجود أية صلة بينها والمشروع، الذي قيل إنه مأخوذ عن كتاب يحمل عنوان «ملكة تبحث عن عرش» للكاتب د. محمد الباز!

في سياق ليس بعيداً، ويشي بأن الأمر ليس وليد المصادفة، بل تم التخطيط له بعناية، أعلنت نهلة سلامة، التي غابت عن الساحة لسنوات طويلة، ثم عادت فجأة أنها بصدد إنتاج وبطولة فيلم عن «الشيخة موزة» قالت إنه من تأليف كاتب يحمل جنسية عربية، لكنها لم تُعلن اسمه (!) وبررت اتجاهها إلى الإنتاج، ورصدها ميزانية مفتوحة، بأن شركات الإنتاج تخوفت من المشاركة في تمويل الفيلم فما كان منها سوى أن تصدت لإنتاجه، وفي لهجة تحد أكدت أن أحداً غيرها لن يقدر على تحمل ميزانيته، لكنها لم تقل لنا كيف؟ وما مصادر تمويل الفيلم، وهي التي لم تشارك في أي عمل فني طوال السنوات الأخيرة السابقة، ولم يُعرف عنها، مثلاً، أنها ابنة عائلة ارستقراطية أو ثرية؟

«نهلة» قالت إنها ستبدأ تصوير الفيلم عقب انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك، لأن السيناريو «جاهز». وفي تصريح غريب يعكس حجم «الهزل» الذي يُخيم على الأجواء، أكدت أنها ستخضع لأكثر من جراحة تجميل لتقريب الشبه بينها والشخصية التي تجسدها على الشاشة، ولم تقل لنا كيف ستعود إلى وجهها القديم بعد انتهاء التصوير أم تراها ستعيش في الوجه المزيف إلى النفس الأخير من عمرها!

«مهزلة» تعكس حجم الوعي السياسي والثقافي المتدني لبعض المنتمين إلى الوسط الفني؛ فإذا كانت السماء لا تُمطر ذهباً ولا فضة، فإنها بكل تأكيد لا تُمطر أفكاراً سوداء من النوعية التي تُطاردنا، في الأيام القليلة السابقة، وأراني غير مهيأ نفسانياً وعروبياً وقومياً لاستساغتها أو تقبلها، ليس من منطلق الحرص على العلاقات الطيبة بين الدول العربية فحسب، بل لأن هذه الأفكار والمشاريع ذات التوجه الخبيث، التي تظهر بين الحين والآخر، تستجيب لمؤامرات مشبوهة تستهدف إحداث الوقيعة بين الأشقاء العرب، وتؤجج نار البغضاء بينهم، ومن ثم تكرس الشقاق بدرجة كبيرة تمهيداً لتقسيم الأمة العربية، اعتماداً على آلة الحرب الإعلامية، وهو الخطر الجسيم الذي ينبغي أن ينتبه إليه كل من شاءت له الظروف أن يتقلد موقعاً يُسهم من خلاله في توجيه الرأي العام العربي، ويأتي على رأس هؤلاء فنانو السينما ومبدعوها، ممن ينبغي عليهم أن يبادروا بلم الشمل، ولا ينزلقون في مستنقع آسن أو يتحولون، كما حدث مع المخرج علي رجب والممثلة نهلة سلامة، إلى أدوات تكرس الفرقة والتشرذم بين أبناء الأمة، لأهداف غير مسؤولة، وجرياً وراء مصالح ضيقة للغاية!

 

back to top