قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د. غانم النجار انه ثبت بعد حل المجالس السابقة أن اول ما يتعرض للانتهاك هو قضية الحريات والتحركات والتجمعات، معلنا أنه في المجالس المقبلة ينبغي الوقوف في وجه اي نائب يتعرض للانتقاص من الحريات دون تمييز، حتى وإن كان من المعارضة.
ولفت النجار، في ندوة نظمها تجمع "حوارات التغيير" تحت عنوان "الاعتقالات والملاحقات السياسية" في ساحة الارادة امس الاول، الى ان هناك فترتين مارست السلطة عنادها وما تريده واستأثرت بالقرار في الماضي، مما أدى الى وقوع ازمة بعد كل قرار لها، مبيناً أن أزمة سوق المناخ كانت احدى هاتين الفترتين، ولم تكن ازمة اقتصادية، بل كانت ازمة ايقاف قانون، إذ اكتشفت السلطة ان من كان سيطبق عليهم القانون هم من المتنفذين فأوقفته، مما حولها إلى ازمة في الثقة وادارة الدولة ".وشدد على ان الأزمة الحالية هي نتاج ازمات سابقة ومتراكمة من الماضي وليست وليدة اللحظة، إذ ان السلطة تعاني فشلاً في الإدارة، وثبت هذا الفشل خلال فترات سابقة، لافتاً إلى أنه "اذا اردنا ان نعرف مسار المجتمع فلابد من الرجوع الى تجاربه الماضية".وقال انه في عامي 67 و81 لم يكن هناك حراك شعبي بصورة كبيرة، مما جعل السلطة تعتبر ان المجال امامها مفتوح، الامر الذي جعلها تضع لجنة لتنقيح الدستور، مبيناً ان اعضاء اللجنة الذين عينتهم الحكومة في اللجنة اعترضوا على مشروع الحكومة، فاختفت اللجنة دون اي اعلان من الحكومة عن مصيرها او ما توصلت اليه من اعمال.حل الصراعوشدد النجار على ان المجتمعات عادة تقوم على صراع سياسي دون انسجام، لذلك وجدت الديمقراطية لحل هذا الصراع، لافتاً إلى أن الديمقراطية ليست نظاما انتخابيا فقط، بل عملية متطورة تتجدد دائم، وملخصها احترام كيان الإنسان وحقوقه.وقال إن اسلوب القمع منطق بليد وتافه، وهو منطق قديم، أما الحرية فهي المنطق الجديد، مبيناً أن هناك فرقاً بين القانون والعدالة، فهناك قوانين جائرة لا عدالة فيها، ومنها تحديد سن الناخب بـ 21 سنة، في حين ان عقوبة القانون تنطبق على من يصل الى 18 سنة، فضلا عن التمييز في تصويت العسكرية دون معايير واضحة.ولفت الى ان هناك نوعين من تزوير الانتخابات، أولهما مباشر عبر تبديل صناديق الاقتراع، والآخر غير مباشر يأتي من خلال دعم السلطة لمرشحيها بسبل عديدة ومتنوعة، مشيرا الى انتخابات 1981 التي شهدت تفتيت الدوائر الانتخابية وزيادة عدد المرشحين فيها، فضلا عن ظهور الانتخابات الفرعية للطائفة الشيعية في منطقة الدعية.وبيَّن أنه بعد حل المجالس السابقة كان اول ما يسعون اليه هو قانون المطبوعات والرقابة على الصحف، مبينا انه عمل على دراسة لم تنشر بعد توضح ان الرقابة تؤثر على امن الدولة، وذلك من وقائع احداث حصلت بالكويت في الماضي، فوجود الرقيب الحكومي على ما ينشر في الصحف يعني موافقة السلطة عليه، ممثلا لتلك الوقائع بالأزمة التي حدث بين الكويت والهند في ثمانينيات القرن الماضي.«كرامة وطن»وأضاف النجار أن ما نشاهده من حجز لصغار السن من قبل السلطة، يزيد من زخم النضال لدى الشارع بشكل عام، ولدى المحتجزين بشكل خاص، مما يؤدي في نهاية المطاف الى تكبير قاعدة الرفض بشكل متزايد، لافتاً إلى أن مسيرة "كرامة وطن" فيها نوع من الابداع والخيال في عملية تنظيمها، وهو ما شاهدناه في الحلقتين المرخصتين منها، فكانت راقية وغير فوضوية، فتجاوزت النواب والسياسيين، موضحاً ان المسيرة لا تحتاج الى تصريح وهو امر دستوري منصوص عليه، لكن ما تحتاج اليه هو تنظيم من قبل وزارة الداخلية وحماية المشاركين فيها.وذكر ان المحكمة الدستورية ألغت 15 مادة من اصل 21 في قانون التجمعات، مضيفا انه ليس هناك ما يعطي الحق في تحديد اماكن تجمع الناس، فلهم الحرية في اختيار أماكن تجمعهم، رافضاً التعسف الذي تتعامل به الأجهزة الأمنية مع المحتجزين بجميع صوره.وأوضح ان هناك مشكلة في ثقافة المجتمع، وأن انتشار الثقافة العامة امر مهم في تطوير المجتمعات، لإدراك وتفهم أن "الحريات لا تتجزأ"، لافتا الى ان المجتمع الكويتي لديه قابلية للتقدم والتطور، مستطردا بالقول: "نحمد الله على ان لدينا دستورا، لان هناك تعديا على الحقوق من بعض النواب، لكن التعدي الاكبر من قبل السلطة".التمسك بالحقوقوبدوره قال المحامي مهند الساير انه "لابد من التمسك بحقوقنا جميعا"، مستنكرا توجيه قوات الأمن المواطنين الى مكان محدد واعتباره هو الموقع المرخص الوحيد والقانوني، مع استنكار ما يعانيه المحتجزون من ممارسات التعدي الجسماني والمعنوي المخالفة للدستور.وشدد الساير على ضرورة حضور محامي المتهم اثناء جلسات التحقيق معه، إذ إن سرية التحقيق لا تطول تواجد المحامي مع موكله، معتبرا ان هناك اغفالاً لحقوق المتهمين بشكل كبير وهذا واضح من قبل السلطة، مؤكداً ضرورة الوقوف على الحقوق الدستورية التي كفلت للجميع قبل البدء في اي تحرك حتى لا يتم ارتكاب الاخطاء.ومن جانبه تساءل المحتجز السابق بندر المطيري "هل أدت الملاحقات السياسية الدور المطلوب من وقف الحراك او ما شابه؟"، مبيناً أن "مصطلح الملاحقات السياسية ناقص ويجب ان تضاف اليه كلمة الارهاب"، مستطردا بأن "السلطة استعانت بمطاعة شكري النجار لكسر همم الشباب، والشباب يستعينون بالدكتور غانم النجار ليداووا جراحهم".وبدوره قال المحتجز السابق راشد العنزي ان "التعسف من قبل السلطات كبير وواضح لدى الجميع"، لافتا الى ان "هناك تجاوزاً وانتهاكاً للحقوق الدستورية من قبل الجهاز الأمني مع المحتجزين".
برلمانيات
النجار: الحريات أول قضية تُنتهك بعد حل المجالس
14-12-2012