تكفون يا أهل الديرة... اصحوا
منذ اليوم الأول لانطلاق تحركات الشارع المفتعلة، التي أطلقتها قضية رفع الحصانة عن النائب السابق د. فيصل المسلم، ومهدت لها تجمعات الأندلس والعقيلة للرد على تجاوزات النائب المبطلة عضويته محمد الجويهل في الشارع وخارج مؤسسات الدولة، منذ اندلاع تلك الأحداث ومجموعة من السياسيين والمعنيين بالشأن العام ونحن معهم نحذر من الفوضى التي ستنتج عنها، ومن تربص القوى الأصولية وبصفة خاصة الإخوان المسلمين وأعداء الديمقراطية التي يستغلونها كأداة للوصول إلى الحكم وخلق الدولة الطالبانية التي يحلمون بها في الكويت، والتي تشكل النقيض للدولة المدنية الديمقراطية، وننبه أيضاً من استخدام هؤلاء مجتمعين أو فرادى لتلك الفوضى لإسقاط الدولة والقفز على مقاليد الحكم.فطالما حذر الكثير من المطلعين على حقيقة الأوضاع والمخلصين من هذه النتيجة الحتمية للفوضى التي نشهدها يومياً، والنتائج الكارثية للتجرؤ على الدولة وإسقاط مجلس تشريعي في الشارع، وجعل أثر صراخ الأرصفة أعظم من الكلمة في قاعة عبدالله السالم وتحت قبة البرلمان في دولة المؤسسات الدستورية، والرضوخ لبدعة سقوط البرلمان شعبياً، كما حُذرت أيضاً القوى المدنية من الانسياق مع منظومات الإخوان المسلمين والتحالفات المصلحية ووكلاء الأجنحة المتصارعة في السلطة وقوى النفوذ والمتطرفين الطائفيين والنعرات العرقية والمناطقية، لأن كل هذه الأدوات والمنظومات تنخر بأساسات الدولة وبصفة خاصة هيكلها الديمقراطي المؤسسي، فكان يأتي الرد من جوقة من المنظرين يردون بـ"اكلشيهات" النضال وخلافه من شعارات عفا عليها الزمن دون أن يستطيعوا أن يقرأوا مستجدات الساحة وتغيراتها الاجتماعية والسياسية، حتى وصلنا إلى مرحلة أضحت الدولة فيها على محك مخاطر التحالف الأصولي القبلي المهدد لكيانها ووجودها.
خطاب السب والقذف في ساحة الإرادة والتعدي على رجال الأمن والقانون، وبيان 9 أكتوبر الانقلابي الذي سبقه والذي انفردت بتوقيعه حركة الإخوان المسلمين (حدس) كتنظيم سياسي معروف مع تجمعات أخرى مجهولة، هو خلاصة كل الأداء المستهتر والفوضوي السياسي على مدى السنوات الثلاث الأخيرة والتساهل معه، والمناورات السياسية الانتحارية من بعض الأطراف التي كانت تعتقد أنها الأذكى والقادرة على توظيف الجميع في مشروعها الخاص لتكتشف الآن أنها باتت أداة لا أكثر في المشروع الانقلابي الكبير، بعد أن جُرحت رموز الدولة ومؤسساتها من قضاء وحكومة وبرلمان فدُفِعت الدولة كلها إلى حافة الهاوية.مساء الاثنين الماضي تجلت نتائج الفوضى، فلم يسلم أحد من تجنيهم واتهاماتهم وانحدار مستوى خطابهم على جميع المستويات، فهل هذه هي الدولة التي وضع أسسها الرواد الأوائل وعلى رأسهم الشيخ عبدالله السالم؟!، وهل هذه مخرجات مدرسة المرحوم عبدالعزيز الصقر وعبداللطيف ثنيان الغانم وسامي المنيس وجاسم القطامي الذين عاشوا في مرحلة الثورات وخطابات العسكر المزلزلة، فاختاروا بدلاً منها الحوار الهادئ مع السلطة وحصلوا على دستور 1962 الذي يتغنى البعض به ويدعون أنهم يدافعون عنه بينما يقومون فعلياً بتقويضه وتدمير الحياة السياسية في البلد؟!فعلياً تعيش الكويت اليوم أحرج مرحلة في تاريخها، والتي تضاهي من حيث الخطورة غزو 2 أغسطس 1990 وربما تزيد لأنها تواجه تحدي الفوضى الداخلية وانقضاض مجموعات على سلطة الدولة وشرعيتها والموكلين من أبنائها لتطبيق القانون والحفاظ على النظام العام، بهدف النيل من الكويت لمصلحة مشروع الإخوان المسلمين الكبير في الكويت وتابعيه من أصحاب المشاريع الخاصة الصغيرة التي سيسحقها تحالف الإخوان –القبلي فور نجاح مشروعهم في الديرة، ولكم بما فعله إخوان مصر بشباب الثورة وتنظيماتهم عقب توليهم السلطة أسوة، فاصحوا يا أصحاب وورثة مشروع الدولة المدنية وكل المخلصين من أبناء الوطن من جميع الأطياف وواجهوهم بالقانون وسلطات الدولة، قبل أن يفوت الفوت ولا ينفع صراخ الصوت... "تكفون اصحوا".