السكر... عدو الصحة
عند النظر إلى حجم الشوائب في نظامنا الغذائي، يتبين أن السكر هو المذنب الجديد الذي دخل قفص الاتهام. ذكر كريس وولستون في صحيفة «لوس أنجلس تايمز» أن الدعوة إلى عدم استهلاك السكر هي مقاربة مبسّطة لأن المشكلة لا يمكن أن تنجم عن عامل مضرّ واحد.هل تشعرون بالقلق من الدهون المتحولة أو الملح؟ أصبح هذا الهاجس من الماضي. إذا أردتم معرفة أحدث المخاطر الغذائية المعاصرة، ننصحكم بإعادة النظر في كمية السكر المستهلكة.
وفق تقرير علمي صدر في عام 2011، تبين أن أي شخص عادي يستهلك يومياً كميات هائلة من السكر المُضاف بمعدل 77 غراماً أو 20 ملعقة صغيرة تقريباً، ذلك من دون احتساب كمية السكر الموجودة طبيعياً في الفاكهة والخضار والحليب!نتحدث هنا عما يستهلكه الأشخاص العاديون في حياتهم اليومية ولا نعني حصراً الأطفال في سن العاشرة كونهم يلتهمون كميات كبيرة من السكاكر والحلوى خلال الحفلات والمناسبات.في هذا الزمن حيث أصبحت البدانة والنوع الثاني من داء السكري وباء عالمياً، لا بد من تسليط الضوء على تلك الكميات الهائلة من السكر المضاف (وهي تساوي ضعفي الكمية التي توصي بها وزارة الزراعة الأميركية في أي حمية غذائية تفترض استهلاك ألفي سعرة حرارية يومياً). في بعض الأوساط، يُعتبر السكر عدو الصحة الأول الآن. لقد دُقّ ناقوس الخطر وتأهب الجميع للتحذير من أضرار هذه المادة!يشمل معسكر مناهضي السكر بعض الأسماء المهمة في عالم التغذية مثل والتر ويليت من جامعة هارفرد وكيلي برونيل من جامعة يال. لكنّ زعيم المعسكر الحقيقي هو الطبيب روبرت لوستيغ، أستاذ في طب الأطفال العيادي في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو. حصدت المحاضرة التي ألقاها في عام 2009 بعنوان «السكر: الحقيقة المُرّة» أكثر من مليوني مشاهدة على موقع «يوتيوب» حتى الآن. ثم رفع حدة التحذيرات في شهر فبراير الفائت حين كتب مقالة تدعو إلى فرض ضرائب جديدة على السكر المضاف وتحديد الفئات العمرية التي يمكن أن تستهلك بعض السكاكر والحلويات.فضلاً عن ذلك، أعلن لوستيغ خلال حلقة من برنامج «60 دقيقة» (60iMinutes) أن السكر المضاف «مادة سامة أنتجت أزمة في مجال الصحة العامة». يوضح لوستيغ أن السكر الموجود في المأكولات المصنعة (مثل شراب الذرة عالي الفركتوز في المشروبات الغازية أو سكر القصب في السكاكر) هو السبب الرئيس لمتلازمة الأيض، وهي مجموعة من المضاعفات الخطيرة التي تشمل ارتفاع معدل سكر الدم، وارتفاع ضغط الدم، وتراجع مقاومة الأنسولين. يشير بعض التقديرات إلى أن هذه المتلازمة تؤدي إلى مضاعفة خطر الإصابة بالنوبات القلبية أو الجلطات الدماغية. إنها أنباء سيئة لأن شخصاً من أصل أربعة أميركيين راشدين يُصاب بهذه المتلازمة (منهم أشخاص يبدون نحيفين ورشيقين، لكنهم يكثرون استهلاك السكريات). بحسب رأي لوستيغ، يجب أن يدرك الجميع حقيقة هذه المخاطر.«كارثة»في المقابل، يدافع كثر عن السكر، لكن يعتبرهم المعسكر الآخر مشاركين في «المؤامرة» الصحية. يقول أندي بريسكو، رئيس جمعية السكر ومديرها التنفيذي: «لا يعرف لوستيغ شيئاً عن الموضوع من الناحية العلمية. استهلك الناس كميات كبيرة من السكر خلال السبعينات ولم نواجه جميع هذه المشاكل مع البدانة أو مع متلازمة الأيض المزعومة».يظن بعض اختصاصيّي التغذية أيضاً أن الخبراء الذين يحذرون من خطر السكر يبالغون كثيراً. توضح جوان سلافين، أستاذة التغذية في جامعة مينيسوتا، سانت بول: «السكر ليس سمّاً. لا يمكن أن يكون مصدر الضرر واحداً لأن النظام الغذائي أكثر تعقيداً من ذلك». بحسب رأيها، إذا حاول الناس التوقف عن استهلاك السكر في حياتهم اليومية، قد يحرمون أنفسهم في نهاية المطاف من مأكولات غنية بالسكر، لكن مغذّية مثل حليب الشوكولا وعصير الفاكهة وأنواع كثيرة من الحبوب الكاملة.لكن لا يصدق لوستيغ هذا الكلام، إذ يعتبر أن عصير الفاكهة «كارثة» فعلية ويؤكد على ضرورة تجنب السكر المضاف بالكامل حتى لو كان موجوداً في أي طعام شهي.كيف يمكن تخفيض الكمية المستهلكة؟ بدل قراءة أغلفة المنتجات واحتساب الغرامات المستهلكة، يحث لوستيغ الناس بكل بساطة على اختيار مأكولات لا تترافق مع أغلفة تذكر المواصفات الغذائية على الإطلاق: «لا أعني بذلك استخراج السكر من المأكولات المصنّعة بل أتحدث عن ضرورة تناول غذاء طبيعي».