الجدل الدائر هذه الأيام حول احتمالية قيام ما يطلق عليه "الأغلبية" بمقاطعة الانتخابات احتجاجاً على احتمالية تغيير الدوائر أو تقليص عدد الأصوات هو وضع يذكّرنا بتغيير الدوائر إلى 25 دائرة في غياب المجلس سنة 1980.  فبعد انقطاع المجلس وتعليق الدستور عام 1976، سعت الحكومة إلى تنقيح الدستور من طرف واحد، وعندما فشلت قررت الدعوة إلى انتخابات نيابية، ومن ثم تمرير تنقيح الدستور من خلال البرلمان، ولكن بعد تعديل الدوائر من 10 إلى 25 دائرة. والملاحظ أن كل المرشحين وحتى التيارات الوطنية خاضوا الانتخابات حينذاك بموجب النظام الخمس والعشريني. نقاطع أو لا نقاطع هو جدل تقليدي دار في السابق، وتم تنفيذه من قبل فصيل معارض كان يقوده جاسم القطامي في انتخابات 1971. بعد قيام السلطة بتزوير الانتخابات في 25 يناير 1967. التي تم على إثرها التوافق على مقاطعة السلطة وعدم المشاركة معها في الحكومة أو في أي نشاط مشترك، وتوافق على ذلك القوى الوطنية التي كانت تهيمن على الساحة السياسية حينذاك، وفئة التجار الوطنيين، ولا أقول التجار هكذا بالمطلق. وعندما ألقى رئيس الوزراء الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، حينذاك بيانه المشهور ببيان 24 حزيران 1970، الذي كان بمنزلة اعتذار عن التزوير، داعياً مَن استنكف عن مشاركة الحكومة إلى العودة للعمل المشترك أدى ذلك إلى مزيد من الانقسامات بين صفوف المعارضة فقد آثر فصيل التجار الوطنيين ومجموعة جاسم القطامي مقاطعة الانتخابات ووضع شروط لخوضهم لها، وأولها ضمان عدم تكرار التزوير، وفي المقابل فقد قرر فصيل معارض آخر، وهو ما صار يعرف بمجموعة الطليعة بقيادة الدكتور أحمد الخطيب، خوض الانتخابات، التي فاز فيها أربعة من ذاك الفصيل وهم د. الخطيب، وعبدالله النيباري، وسامي المنيس رحمه الله، وأحمد النفيسي، وبغض النظر عن الموقف من هذا الرأي أو ذاك فنحن هنا نستعرض أحداثاً تاريخية ليست بعيدة، فقد كان مجلس 1971 من أكثر المجالس إنجازاً، وبالذات في ما يختص بالجانب النفطي وتأميم النفط. الشاهد أن مقاطعة الانتخابات ليست فعلاً جديداً في الحياة السياسية، وقد سألت عنها جاسم القطامي، رحمه الله، فكان رده واضحاً إذ قال، إن ذلك كان اجتهاداً منا في حينها، وقد قاطعنا الانتخابات فعلاً، ولكننا أعدنا تقييم الموقف وشعرنا بأنه من الأجدى لاستكمال واجبنا الوطني خوض الانتخابات، وهكذا فعلنا في انتخابات 1975 التالية، والتي خاضها وفاز فيها. بالطبع الزمن غير الزمن والنفوس غير النفوس، ولكن الفعل واحد وبوادر الاختلاف واحدة والدستور واحد، وتغيير الدوائر مرفوض، أما هل يجرؤ أحد على المقاطعة؟ فذلك متروك للأيام، وإن غداً لناظره قريب.
Ad