ليتكم أخبرتموني!

نشر في 24-03-2012 | 00:01
آخر تحديث 24-03-2012 | 00:01
إلى الأهل، وإلى كل من لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره بعد 18 حقيقة استنتجها رجل خلال حياته وتمنى لو أنه أخذ بها باكراً.

صباح أحد الأيام، وبينما كنت أقرأ كتاباً في المقهى المفضل لدي المطل على الشاطئ، جلس شاب بالقرب مني وقال لي: «يبدو هذا الكتاب مثيراً للاهتمام، أليس كذلك؟». هكذا، بدأنا نتبادل أطراف الحديث.

أخبرني الشاب أنه في الثامنة عشرة من العمر وسيتخرّج في غضون أسابيع قليلة من الثانوية العامة ويلتحق فوراً بالجامعة في خريف هذا العام. قال: «لكن ليست لدي فكرة عما أريد أن أقوم به في حياتي. في الوقت الحالي، كل ما أفعله هو الاسترخاء وعدم القلق بشأن أي شيء».

فجأة، بدأ الشاب بعينيه الصادقتين والمليئتين بالحماسة، يسألني السؤال تلو الآخر:

- ما هي طبيعة عملك؟

- متى وكيف قرّرت طبيعة العمل الذي تريده ممارسته؟

- لماذا اخترت هذا، ولماذا لم تفعل ذاك؟

- هل ثمة شيء معيّن تتمنى لو أنك قمت به في السابق بطريقة مختلفة؟

وغيرها الكثير من أسئلة حاولت أن أجيب عنها بأفضل طريقة ممكنة كما حاولت أن أعطيه نصائح حكيمة في غضون الوقت الذي كان لدي. بعد نصف ساعة من الحديث، شكرني على هذه الجلسة وذهب كل واحد منا في طريقه.

بينما كنت في طريق عودتي إلى المنزل، أدركت أن الحديث جعلني أحنّ إلى الماضي. فقد ذكرني هذا الشاب بما كنت عليه قبل 10 أعوام. بناء عليه، رحت أعيد التفكير في الأسئلة التي طرحها عليّ وبدأت أتخيل الأمور كافة التي تمنيت لو كان لدي من يطلعني عليها عندما كنت في الثامنة عشرة.

راحت الأفكار تتوارد إلى ذهني، ثم بدأت أفكر في الأمور التي قمت بها والتي كنت أتمنى لو أنني أستطيع العودة بالزمن إلى الوراء لأعطي نفسي، البالغة من العمر 18 عاماً، بعض النصائح عن الحياة.

بعد ارتشافي بضعة فناجين من القهوة، وبعد انغماسي في التفكير لبضع ساعات، توصّلت إلى 18 حقيقةً أتمنى لو أن أحدهم أخبرني بها عندما كنت في الثامنة عشرة:

-1 احرص على ارتكاب أخطاء

يعلّمنا ارتكاب الأخطاء دروساً مهمّة في الحياة. فإن أكبر خطأ قد يرتكبه الإنسان هو ألا يقوم بأي شيء خوفاً من ارتكاب الأخطاء. لذا، لا تتردد في تجربة الأمور ولا تشكك في نفسك.

في الحياة، قلما نحظى بفرصة «الحصول على الفرصة» لأننا غالباً ما «نسعى وراء الفرصة». صحيح أنك لا تستطيع أن تضمن مئة في المئة من أن ما تقوم به صحيح، إلا أنك ستكون في المقابل متأكداً مئة في المئة من أن الوقوف مكتوف اليدين لن يأتي بالنتيجة المرجوة.

غالباً، على الإنسان أن يرمي نفسه وراء حلمه! مهما كانت النتيجة، كن دوماً متأكداً من أن النتيجة النهائية، إيجابية كانت أم سلبية، تصب في مصلحتك. فهي إما ستجعلك تنجح في ما تسعى إلى تحقيقه وإما تعلّمك دروساً في أمور الحياة. باختصار، ستكون الفائز الأكبر في شتى الأحوال. وتذكر أنك إذا لم تتصرّف وتبادر، لن تعرف النتائج الحتمية وستبقى واقفاً في النقطة نفسها إلى الأبد.

-2 جد عملاً تحب القيام به

لو كان بامكاني العودة بالزمن إلى الوراء كي أقدّم للشاب البالغ من العمر 18 عاماً الذي كنت عليه نصيحة بشأن العمل، لنصحته بألا يستند في اختياره مهنة المستقبل إلى أفكار الناس وأهدافهم وتوصياتهم. لنصحت نفسي بعدم اختيار مهنة لمجرّد أنها شهيرة أو لأن الإحصاءات تشير إلى أنها تدرّ كثيراً من المال على صاحبها. كذلك كنت لأقول لنفسي إن الاختيار السليم لمهنة المستقبل يقوم على نقطة أساسية واحدة وهي: اختيار العمل الذي يحبه المرء. فما دام الإنسان صادقاً مع ذاته وأميناً لاهتماماته ومبادئه وقيمه، سيجد حتماً الشغف في ما يفعله وينجح في عمله.

الأهم من ذلك كله ألا يختار المرء عملاً يجعله كل يوم يستيقظ من النوم ويتساءل في قرارة نفسه: «كيف سأستطيع الاستمرار في هذا العمل للأعوام الثلاثين المقبلة؟». إذا كنت تمارس عملاً تحبّه بجدية، لن يتوارد هذا السؤال إلى ذهنك ولن تفكر يوماً في التوقف عن العمل، إذ لا تعود المهنة الشاقة صعبة عندما يمارسها صاحبها بكل شغف وحب.

-3 استثمر يومياً في نفسك الوقت والطاقة والمال

عندما تستثمر في ذاتك، تربح دوماً وتجد مع مرور الوقت أن مسار حياتك يتغيّر. فما الإنسان سوى زبدة معارفه وتجاربه وخبراته. فكلما خصصت مزيداً من الوقت والطاقة والمال لاكتساب المعرفة، زادت قدرتك على التحكم بجوانب حياتك.

-4 اعمد بين الحين والآخر إلى اكتشاف أفكار وفرص جديدة

قد يمنعك أحياناً الخوف من الفشل والإحراج الموجود في الطبيعة البشرية من تجربة أمور جديدة. لكن لا بد لك من تخطي هذه المخاوف لأن حياتك ما هي سوى حصيلة تجاربك الصغيرة والفريدة من نوعها. كلما زادت تجاربك في الحياة، زادت قصصك إثارة وتشويقاً. لذا احرص على الدخول قدر المستطاع في تجارب جديدة وعلى مشاركتها مع أحبائك.

-5 خلال تطويرك مهاراتك المهنية، ركز اهتمامك على نقاط محددة

لنقارب هذه النقطة من باب رياضة الكاراتيه: يبدو الحزام الأسود أكثر أهمية من الحزام البني. لكن هل يبدو فعلاً الحزام البني أكثر إبهاراً من الحزام الأحمر؟ قد لا يكون الأمر على هذا النحو بالنسبة إلى معظم الأشخاص. تذكر أن المجتمع يعظّم الخبراء ويمجّدهم. صحيح أن العمل الجدي والملتزم مهمّ، لكنه قد يفقد هذه الميزة عندما يصبح مشتتاً في اتجاهات عدّة. من هنا، احصر تركيزك بتعلّم بعض المهارات المهنية وباتقانها تماماً.

-6 لا يعرف الناس قراءة أفكار غيرهم، لذا احرص على إخبارهم بما تفكر

لن يعرف الناس حقيقة مشاعرك ما لم تخبرهم بما تشعر به. فمديرك مثلاً لن يعرف أنك تأمل بالحصول على ترقية أو زيادة في الراتب ما لم تخبره بذلك. والفتاة اللطيفة الذي يمنعك خجلك من التعرّف إليها تجهل أنك معجب بها، لماذا لا تبادرها بحقيقة مشاعرك؟ في هذه الحياة، عليك أن تتواصل مع الآخرين. أحياناً، تضطرّ إلى فتح فمّك والتفوّه بما يجول في خاطرك ووجدانك. عليك أن تخبر الناس بما تفكر به. الأمر بهذه البساطة.

-7 اتخذ قرارات سريعة وقم بأفعال فورية

اعلم جيداً أنك إن لم تباشر بالحركة وتستغّل الفرص الجديدة، سيقوم غيرك بفعل ذلك. عندها لن يفيدك الجلوس والتحسّر على ما فاتك. تذكر أن ثمة فرقاً هائلاً بين أن تعرف كيفية إنجاز الأمور وبين إنجازها على أرض الواقع. فالمعرفة لا تفيد إن لم يكمّلها تطبيق فعلي.

-8 تقبّل الأمور واقبل بالتغيير

كن أكيداً أن أي ظرف سواء كان إيجابياً أم سلبياً، سيتغير في نهاية المطاف. إنه الأمر الوحيد الذي يمكنك أن تكون متأكداً منه. اقبل بالتغيير لأنه يحصل لسبب معيّن. صحيح أنك في البداية قد تجد صعوبة في تقبّل التغيير أو في فهمه، إلا أنك ستفهمه في النهاية.

-9 لا تكترث لآراء الناس بك

اكتشفت في حياتي أنه قلما يهم ما يظنّه الناس أو يقولونه عني. عندما كنت في الثامنة عشرة، كنت أسمح لآراء زملائي في الثانوية العامة ومن بعدها في الجامعة بالتأثير على قراراتي. أحياناً، كان تأثيرهم عليّ يشككني في الأفكار والأهداف التي كنت مقتنعاً بها اقتناعاًَ كبيراً. اليوم، بعد مرور 10 أعوام، اكتشفت أن تلك طريقة عيش سخيفة، لا سيما أن جميع أولئك الأشخاص تقريباً الذين كنت أكترث لآرائهم لم يعودوا موجودين في حياتي

باستثناء الحالات التي تسعى فيها إلى إعطاء انطباع أولي جيد عنك (مقابلة عمل، أول موعد غرامي...)، لا تسمح لآراء الآخرين بأن تكون حجر عثرة أمامك. إذ قلما يهمّ ما يظنّه الآخرون أو يقولونه عنك، فالمهم هو رأيك بنفسك ومدى تصالحك مع ذاتك.

-10 كن دوماً صادقاً مع ذاتك ومع الآخرين

عيش الحياة بصدق وشفافية يعطي الإنسان راحة البال، وما أثمن راحة البال في هذه الحياة.

-11 أقم شبكة علاقات مهنية

تحدّث إلى الذين تعرفهم عن مسيرتك المهنية بما فيهم أرباب عملك، زملاؤك في العمل، أساتذتك، زملاؤك في الصف، أعضاء النادي الاجتماعي الذي ترتاده، والطلاب الآخرون الذين لا يشاركونك الاختصاص نفسه ولا الدائرة الاجتماعية ذاتها، ومساعدو التعليم، واختصاصيو التوجيه المهني. ربما تتساءل لماذا عليك إطلاع الجميع عن خياراتك المهنية؟ لأن ذلك يسمح لك بإقامة شبكات مهنية. عملت لصالح ثلاثة أرباب عمل منذ تخرّجي في الجامعة (تركت العملين الأولين بقرار شخصي ولا أزال حتى اليوم على علاقة طيبة بالمديرين)، علماً أني لم أجر مقابلة عمل سوى مع رب العمل الأول. إذ كان المديران الآخران قد عرضا عليّ العمل حتى قبل أن أجري معهما مقابلة رسمية، ذلك بناء على توصية مدير التوظيف (شخص كان ضمن شبكة علاقاتي المهنية منذ سنوات عدّة).

قبل أن يبدأ أصحاب العمل بالبحث عن الشخص المناسب لشغل منصب معيّن، يسألون بداية الأشخاص الذين يعرفونهم ويثقون بهم ما إذا كانوا يعرفون شخصاً مناسباً للوظيفة الشاغرة. بناء عليه، كلما أبكرت في بناء شبكة علاقاتك المهنية، كلما كانت أمورك المهنية أسهل. مع مرور الوقت، ستجد أنك لا تزال تتعرّف إلى أشخاص جدد بواسطة شبكتك الحالية وأن شبكتك ستظل تحقق أهدافها وتفتح لك الفرص لبقية مسيرتك المهنية.

-12 اختلِ بنفسك يومياً مدة 10 دقائق

استغل هذا الوقت للتفكير والتخطيط والتأمل والحلم. فالأفكار المنتجة والمبتكرة تولد غالباً في لحظات الوحدة والهدوء. في جو السكينة والصمت، تستطيع سماع أفكارك والغوص في أعماقك، والتركيز على رسم الخطوة المنطقية والمنتجة المقبلة التي تريد تحقيقها في حياتك.

-13 اطرح كثيراً من الأسئلة

تتمثل أعظم مغامرة قد يخوضها الإنسان في تلك التي يستطيع فيها الاستفسار وطرح الأسئلة. أحياناً، تكون عملية التقصي أكثر أهمية من إيجاد الإجابة. فالإجابات تأتي من الأشخاص الآخرين، من عالم المعرفة والتاريخ، ومن الحدس والحكمة العميقة اللتين نتمتّع بهما. لن تستطيع الإجابات أن تطفو إلى السطح ما لم نسأل الأسئلة المناسبة.

-14 استغل الموارد المتوافرة

يتفاجأ الإنسان عادةً عندما يرى إنساناً معوقاً يشعر بسعادة عارمة. فكيف لشخص في مثل هذه الحالة الجسدية الصعبة أن يكون بهذه السعادة؟ للإجابة عن هذا السؤال، لا بد لنا من أن نرى الطريقة التي يستخدم بها هذا الإنسان الإمكانات المتاحة لديه. فالفنان ستيفي واندر مثلاً كان مكفوفاً، إلا أنه استثمر حاسة السمع لديه وحوّلها إلى شغف بالموسيقى. خير دليل على هذا الشغف حصوله على 25 جائزة موسيقية خلال مسيرته الفنية.

-15 عش حياة متواضعة أياً كانت إمكاناتك المادية: احرص على عيش حياة مريحة كريمة

بعيدة عن الإسراف. لا تنفق المال لإثارة إعجاب الآخرين. ولا تعش حياتك وأنت تحاول إقناع نفسك بأن الثروة تقاس بالماديات التي يملكها الإنسان. تصرّف بمالك بحكمة لتكون أنت الذي يدير مالك وليس العكس. احرص دوماً على أن تعيش حياة طبيعية أقل بدرجة من إمكاناتك المادية.

-16 احترم الآخرين وأحسن معاملتهم

في حياتك اليومية والمهنية، قلما يهمّ ما تقوله لأن المهم هو ما تجعل الآخرين يشعرون به. من هنا، احرص على احترام الصغار والكبار. إذ لا وجود لحدود أو لفئات تحدّد مجموعات الناس الجديرة بالاحترام. عامل الجميع بالقدر نفسه من الاحترام الذي تكنّه لجدّك وبالقدر ذاته من الصبر الذي تتعامل به مع أخيك الرضيع. ويُعد العطاء والمساعدة والإرشاد من أعظم الأعمال التي قد يقوم بها الإنسان في حياته. فكي تحصل على ما تريد، لا بد لك من أن تعطي.

-17 ابرع في ما تفعله

ما الجدوى من القيام بعمل ما إن لم نقم به بالطريقة الصحيحة؟ ابرع في عملك وفي هواياتك. احرص على أن تصنع لنفسك سمعةً عنوانها المهارة والتألق.

-18 كن الشخص الذي ولدت لتكونه

عليك أن تقوم بما يمليه عليك قلبك وأن تكون الشخص الذي ولدت لتكونه. مصير البعض أن يكون موسيقياً يحاكي أفكار الآخرين ويدغدغ مشاعرهم بأوتار قيثارته، فيما البعض الآخر يأخذنا إلى البعيد بواسطة أشعاره الرائعة. كذلك ثمة من ولد ليصبح رجل أعمال ناجحاً قادراً على تحويل عالم الفقر واليأس إلى عالم مزدهر تكثر فيه فرص العمل. بغض النظر عما ترغب في القيام به أو في أن تكونه، احرص على أن تقوم بما تحب. احرص على أن تقوم بما ولدت لتكونه! لا تضيّع حياتك في تحقيق أحلام ورغبات الآخرين.

بالإضافة إلى ذلك كله، اضحك متى استطعت فعل ذلك، واعتذر متى دعت الحاجة إلى ذلك، وغض الطرف عن الأمور التي لا تستطيع تغييرها. الحياة قصيرة إنما رائعة، لذا استمتع بها قدر الإمكان.

للاطلاع على نصائح مشابهة عن الحياة أو الحب أو النمو الشخصي، أنصحك بقراءة كتاب The Road Less Traveled بقلم م. سكوت بيك.

back to top