حاملة الشعلة الفضيحة

نشر في 31-03-2012
آخر تحديث 31-03-2012 | 00:01
No Image Caption
 بدرية البشر أعلنت وكالات الأنباء العالمية منذ أيام، أن لاعبة كرة القدم ومؤسسة فريق جدة كينجز يونايتد لكرة القدم ريم عبدالله من السعودية هي التي ستحمل شعلة الأولمبياد في لندن لهذا العام. يخيل إلي أن مسؤولي الرعاية والشباب قد "تلطموا" بعد هذا الخبر، فقد كنا نسمع حتى وقت قريب أنهم ينكرون في كل مؤتمر إعلامي أي صحة لخبر إشراك نساء في ألعاب الأولمبياد، وكنا نعلم في نفس الوقت أن شروط الأولمبياد لن تسمح لهم بالمشاركة فيه دون السماح بمشاركة النساء. يذكرني هذا الموقف بموقف مجلس الشورى في السعودية منذ عشر سنوات حين رفض البرلمان الدولي أن يمنحه عضويته وحضور مؤتمراته الدولية دون إشراك النساء، فما كان منه إلا أن تزوج بعض أعضائه زواج مسيار، وقاموا بالتعاون مع ما سماهن المجلس مستشارات مهمتهن الأولى كانت السفر معه للمشاركة في اجتماعات البرلمانات الدولية، وبقيت المستشارات سريات لا نعلم عنهن، ولا عن دورهن شيئاً، وقد قبلن هذا الدور، واشترط المجلس السرية حتى تسرب الخبر لاحقاً، لكننا لا نعلم حتى اليوم ما سبب الحرص على إخفاء هؤلاء المستشارات في الداخل والتباهي بهن في الخارج. لقد شبهت صدمة مسؤولي رعاية الشباب بإعلان خبر مشاركة اللاعبة ريم في الأولمبياد -وأي مشاركة... حمل الشعلة، مثل أب أخفى عن الجد ذهاب ابنته إلى الدراسة في الخارج، وكان متأكداً أن الجد لن يعرف الحقيقة، لأنه لا يشاهد الفضائيات، ولا يرتبط بهذا العالم عبر حساب في "تويتر". الأب مقتنع بأن العالم تغير وهو الذي يختبر كل يوم تغيره، فهو يتغدى في بلد، ويتعشى في آخر، ويحمل بطاقة مصرفية تخدمه في كل مصارف العالم، ويتواصل مع العالم عبر شاشة كمبيوتر، بينما لا يؤمن الجد إلا بماضيه لأنه كل ما يعرف، معتبراً أن خروج النساء من منازلهن مجلبة للعار. ها هو الجد وهو جالس يشرب القهوة مع ابنه سيسشاهد حفيدته تحمل شعلة الأولمبياد، وتركض أمام كاميرات العالم كله، والمذيع يصيح باسمها، وهو الذي ظن أنها لم تغادر منزل والدها أبداً، فهل يمكن وصف ما حدث بأنه مجرد فضيحة؟ إن الفضيحة هي ما يصدمنا، هي ما لم نكن مستعدين لاستقباله وفهمه، لهذا فإن كل خبر لا نتوقعه فضيحة، وكل ظهور نسائي فضيحة، لقد أصررنا على أن نبقي رأس الجد في حفرة الماضي دون أن نجعله يواجه معنا الحاضر ويفهمه، وحتى لو رفضه اليوم فإنه سيقبله غداً. إن الصراحة مع الجد حتى لو غضب أفضل من وهم إبقائه أن العالم ساكن لا يتغير، فالذي لا يتغير في زمن متغير هو شخص يعيش وهماً كبيراً.
back to top