عقاريون لـ الجريدة•: استئجار الحكومة للعقارات خطوة سلبية

نشر في 09-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 09-10-2012 | 00:01
«عليها البحث عن حل لجميع مشكلات سوق العقار... لا المكاتب فقط»
عادت فكرة الحكومة المتمثلة باستئجار عقارات بهدف استغلالها لدوائر رسمية تطفو على السطح بهدف تنشيط حركة السوق العقاري الذي شارف على دخول مرحلة الكساد وهذا ما لا يحمد عقباه ان حصل حقا.

ولم تكن فكرة الدخول في مرحلة الكساد مقتصرة على انخفاض نسبة عائد العقارات  بل هي تتعداه الى ما هو ادهى وامر من هذا من حيث الديون المترتبة التي ستتراكم على اصحاب العقارات شركات وافرادا، الى البنوك المحلية في حال لم يكن هناك تشغيل لتلك العقارات التي بنيت اساساً بقروض او بخدمات تمويلية اخرى.

ومما لا شك فيه ان البنوك او الجهات التمويلية على اختلافها قدمت خدماتها للشركات العقارية ضمن جدول زمني ومرحلة  تبدأ بعدها باسترداد دينها مع ما يترتب على هذا الدين من فوائد او مرابحات او غير ذلك من العوائد المتفق عليها.

ولم يكن سوق العقار يحظى بحركة تشغيلية وسيقع في حيص بيص، مابين انعدام القدرة على السداد بسبب عدم وجود دخل من العقار الذي بناه، وبين البنك الذي ما انفك يطالبه بالسداد بعد تجاوز الشركة العقارية لمرحلة الانتظار المتفق عليها.

واعتبر عدد من العقاريين ممن التقيناهم في جولتنا هذه فكرة قيام الحكومة باستئجار بعض العقارات لشغلها بدوائر رسمية خطوة اسعافية لا علاجية، وهي مسكن لآلام سوق العقار وليست مضادا حيويا يقضي على الوجع واثره.

واعتبر اصحاب هذا الرأي ايضا ان هذه الخطوة سلبية للغاية ويرون ان الافراج عن الاراضي وضخ السيولة في السوق ثم طرح المشاريع العملاقة للحكومة، ثم انطلاق خطة التنمية تزامنا مع تعديل القوانين لاسيما قوانين الـ"بي او تي" وقوانين السكن الخاص هي من ابرز الخطوات التي يجب ان تفكر في اتباعها الحكومة في حال كانت جادة في حل مشكلات العقار برمتها ومن الجذور.

بينما يرى اخرون ان هذه الخطوة هي من باب "الرمد افضل من العمى" ليس اكثر في حال توقفت الحكومة عن طرح مشاريعها التي تبعث على التفاؤل في ان سوق العقار سيتجاوز مرحلة الركود بخير وسلام.

هذه قراءة لوجهة نظر بعض العقاريين ونترك التفاصيل في هذه الوقفات:

اكد رئيس مجلس ادارة شركة سدير للتجارة العامة والمقاولات طارق المطوع ان تفكير الحكومة بخطوة استئجار الابراج الشاغرة لاشغالها ببعض الدوائر الرسمية خطوة سلبية لا اسعافية ولا علاجية.

وقال المطوع ان على الحكومة ان تفكر بايجاد حل جذري للمشكلات التي يعانيها سوق العقار، لا ان تخرج كل يوم علينا بحل لا يسمن ولا يغني من جوع مثل هذه الفكرة.

وبين ان السوق العقاري لا يعاني كثرة الابراج فقط حتى تفكر الحكومة الحكومة بالبحث عنها لاشغالها، بل ان السوق العقاري يبحث عن سبل تعديل القوانين التي وضعتها الحكومة حجر عثرة في طريق تطوره لا ان تبحث عن استئجار ابراج شاغرة، مثل قانون الـ"بي او تي" وقوانين السكن الخاص التي عرقلت مسيرة تطور سوق العقار.

من جانب آخر لفت المطوع الى ان سوق العقار لا يعاني من كثرة الابراج فقط، وليست كل مناطق الكويت تعاني كثرة الابراج اذ ان الكويت العاصمة ربما تظهر فيها هذه المشكلة او تبرز بحجمها الكبير المتمثل بكثرة الابراج غير ان سوق العقار ليس مقتصرا على الابراج او قطاع المكاتب فحسب بل هناك قطاعات عقارية اخرى كالسكني والاستثماري والصناعي وكلها تسبح في بحر سوق العقار وهذه هي الاخرى تحتاج الى خطوات وافكار جادة للخروج من ما تعانيه من حالة ركود دخلتها منذ فترة من الزمن.

واكد المطوع ان الابراج الخالية تحتاج ايضا الى النظر اليها بجدية من كل النواحي والتي تحتاج الى فتح البلد كي تدخل الشركات لا ان يتم ملء الابراج بمكاتب لدوائر حكومية.

وقال ان الحكومة ان فكرت في حل الابراج في العاصمة او مناطق تواجد الابراج فهي لن تستطيع بهذه الفكرة ان تحل مشكلة السكن او مشكلة الابراج الاستثمارية وغيرها من مشكلات سوق العقار.

ويرى المطوع ان على الحكومة والجهات الرسمية المعنية عموما ان تسعى الى تعديل القوانين المعوقة لحركة تطور السوق العقاري ثم ايجاد قوانين اخرى تنهض بالسوق العقاري وتفتح الباب على مصراعيه للاستثمار العقاري في الكويت.

واردف المطوع بالقول: ان مثل هذه الخطوات نحو تعديل القوانين وازالة الاخرى المعوقة وايجاد قوانين نهضوية يجب ان تتزامن بالافراج عن نسبة اخرى من الارض كي نوسع دائرة حل المشكلات قاطبة لسوق العقار وليس الاقتصار على ايجاد الحلول لابراج المكاتب فحسب.

ليست مجدية

ومن جهته، قال مدير عام شركة اوتاد العقارية محمد حمود الهاجري ان الفكرة ليست جديدة وليست مجدية ايضا مؤكدا انها طرحت من قبل، فضلا عن فكرة المحفظة العقارية التي لم نعثر في ارض الواقع على أثر من آثارها.

وبين الهاجري ان هناك حلولا اخرى حري بالحكومة والجهات المعنية كلها ان تلجأ اليها مثل الافراج عن الاراضي او تعديل القوانين واصفا الفكرة بانها مشوبة بالشك والريبة.

وقال ان هناك قوانين يمكن ان تسعى الجهات المعنية الى تعديلها وربما البعض يحتاج الى نسفها لانها كانت معوقة بشكل كبير لحركة النهضة العمرانية بشكل عام في الكويت، وليس في قطاع  ابراج المكاتب فحسب.

وبين ان قوانين الـ"بي او تي" والخصخصة والقوانين الخاصة بالسكن الخاص (الرهن العقاري) ربما شكلت عائقا لن يتم تنشيط حركة السوق العقاري بغير الغائها او في اقل تقدير تعديلها لما يخدم وبما لا يعوق حركة القطاعات العقارية العاملة في السوق والتي لحقها اكبر الضرر حين صدورها.

واشار الى ان الضرورة ملحة الى الافراج عن مزيد من الاراضي، فضلا عن الحاجة الماسة الى اطلاق المشاريع التي اضحى السوق متعطشا لرؤيتها على ارض الواقع ولم تزل حبرا على ورق.

واردف ايضا ان الاولى ان تبحث الجهات المعنية عن حلول للمشكلة الاسكانيه، ذلك ان فكرة استئجارها لابراج المكاتب لن تخدم القطاع السكني، في حين لو انها ركزت جهودها على حل المشكلة الاسكانية لكانت اطلقت مبادرات انعاش سوق العقار كاملا من سكني ومكاتب وعقار استثماري... الخ.

وبين ان بذل الجهد في انعاش سوق العقار السكني من شأنه ان ينعش سوق المقاولات ثم سوق مواد البناء ثم سوق التمويل والسوق المالي بشكل عام وبهذا تكون خطوة حل المشكلة الاسكانية وتطوير قطاع العقار السكني اكثر جدوى من اللجوء الى استئجار ابراج المكاتب التي لا يقتصر فيها جل المنفعة الا على قطاع واحد بعينه.

وقال ان فكرة المحفظة العقارية لم تلامس الواقع، فضلا عن انها فكرة يجدر ان تقرن بالحيادية والاستقلالية الى الجهة المناط فيها ادارتها وهذا حسب وصف الهاجري امر مهم جدا على طريق انجاح فكرة المحفظة.

وقال ان الحاجة ماسة الآن الى مثل هذه الافكار التي لن تجود بحل مشكلات قطاع العقار على اختلاف انواعه، انما اطلاق يد التنمية في كل قطاع.

واردف ان الوضع السيئ قد تجاوز حدود عدم سن قوانين تخدم سوق العقار وتطوره بل في اصدار قرارات وسن قوانين معوقة ومعرقلة لنشاطه ما جعله يدخل مرة من الركود الشديد.

وقال ان معظم القرارات الاقتصادية والقوانين التي صدرت مؤخرا ساهمت في ايقاف حركة عجلة التنمية بدلا من ان تنشطها وهذا مرجعه الى ان معظم القوانين والقرار تتخذ وتسن وتصدر بغير ما دراسة تجرى عليها من جهات ذات خبرة واختصاص.

خطوة إيجابية

مخالفا الآراء كلها، قال رئيس اتحاد العقاريين الكويتيين توفيق الجراح ان هذه الخطوة المتمثلة في تفكير الدولة باستئجار ابراج المكاتب لشغلها ببعض الدوائر الرسمية الحكومية تمثل خطوة ايجابية وان كانت تتصف بانها حل مؤقت لمشكلة تبحث عن حل جذري.

واكد الجراح انها لا توصف بأنها حل اسعافي بل حل علاجي طالما انه لا خطوات تلوح في الافق لحل المشكلات العقارية برمتها.

وبين ان هناك ما لا يقل عن 350 الف متر مربع من مساحات المكاتب الشاغرة، مؤكدا ان خطوة الحكومة هذه خطوة في الاتجاه الصحيح.

واكد ان المعيار في تقييم العقارات هو نسبة الاشغال والعوائد المتوقع وفي هذا تكون الحكومة قد مهدت لظهور نسب اشغال جيدة تحافظ على توازن الاسعار في سوق العقار.

ولفت الى ان هناك شركات قد بنت ابراجها على اساس قروض او خدمات تمويلية لبنوك حان موعد سداد بعض ديونها مع تعذر الحصول على عوائد تفي بالغرض المطلوب وفي هذا وقعت ضحية حالة ركود في قطاع المكاتب لن تحمد عقباه ان لم تجد بابا لتشغيل ابراجها وفي هذا تكون الحكومة قد وفرت لها هذا الباب الواسع.

من جانب آخر يرى الجراح ان المطلوب من الحكومة عدم معاملة المباني او الابراج على اساس تقييمي واحد من حيث التشطيبات وغيرها.

وبين ان هناك مباني وابراجا بنيت بمواصفات جعلتها ذكية وهذا يجب ان يكون لها مقياس تأجيري يختلف عن تلك التي توصف بالتشطيبات العادية وغير الذكية.

واشار الى ان هناك بعض المكاتب يؤجر المتر المربع فيها بنحو دينارين بينما الابراج الذكية يجب الا تكون وفق هذا المعدل السعري للتأجير.

واردف بالقول ان الميزات التي يتمتع بها المنبى الذكي تفوق من كل النواحي تلك التي يتصف بها المبنى العادي، من حيث التشطيب والخدمات المقدمة وقيمة الارض التي بني عليها وموقعها واطلالتها وغيرها من المواصفات الملازمة لاي بناء.

تعويض للشركات

وبدوره، وصف مدير عام مكتب عبدالكريم المطوع العقاري بدر المطوع فكرة استئجار الحكومة للمساحات الشاغرة من ابراج المكاتب بانها باب للتعوض على الشركات او حل لمشلكة ديونها وليست حلا للمشكلة العقارية برمتها.

وذكر المطوع: "هذا ان كانت الحكومة جادة بما تطرحه من افكار ولم تكن فقط بقصد طرح الافكار!".

وبين بدر المطوع ان مثل هذه الخطوة هي لاسعاف الشركات التي اقترضت من البنوك لبناء الابراج ثم تعثرت في عملية السداد بسبب زيادة المعروض وشح المطلوب على المكاتب مع ظهور المباني مختلفة المواصفات بل وعالية المواصفات، ما جعل حالة من الركود تسود سوقها.

وقال ان تلك الشركات لم تكن لتجد متنفسا في عملية السداد لانه ابراجها لاتزال تشهد نسب اشغال ضحلة بل ربما عدم اشغال.

واشار الى ان الحكومة بهذه الفكرة تحل مشكلة سداد ديون البنوك على الشركات.

واوضح بدر المطوع ان مثل هذه الفكرة لا تحل مشكلات سوق العقار على اختلاف قطاعاته السكنية والاستثمارية والصناعية وغيرها من قطاعات سوق العقار العاملة في السوق المحلي.

واكد ان مثل هذا الفكرة لن تأخذ طريقها الى التنفيذ ولن تجد على ارض الواقع حضورا لان هناك مصالح متشابكة ستمنع ظهورها وخروجها الى النور.

من جانب آخر يرى بدر المطوع ان تعديل القوانين والافراج عن الاراضي من شأنه ان يحل معظم مشكلات سوق العقار ويوفر على الحكومة طرح مثل هذه الافكار  غير ان هذا الامر لن يحدث لان تشابك المصالح يحول دونها.

أفضل من شيء

ومن جهة اخرى، قال نائب رئيس مجلس ادارة الاتحاد الكويتي لمقيمي العقار عماد الفرج ان هذه الفكرة، رغم يأسه من ان تأخذ طريقها الى النور، فانها افضل من لا شيء وكما يقول المثل: "عصفور باليد احسن من عشرة على الشجرة".

واضاف انها خطوة مبدئية ممتازة ولكن السؤال: "هل سترى النور؟" مبينا ان الحكومة يجب عليها ان تضع سعرا جيدا في عملية الاستئجار وعدم استغلالها لحالة الركود التي يشهدها سوق عقار المكاتب.

وقال ان هذه الخطوة يجب الا تغني عن خطوات اخرى هي الحل الامثل لمشكلات سوق العقار مثل تعديل القوانين، تلك القوانين التي افسدت ولم تصلح من امور سوق العقار شيئا.

back to top