إلى متى نبقى تابعين؟

نشر في 28-11-2012
آخر تحديث 28-11-2012 | 00:01
 علي البداح ما يحدث في منطقتنا العربية جزء من سياسة الابتزاز والتدمير المنظم لمصلحة دوائر مخربة تقف إسرائيل في مقدمتها. ويتطلب الفهم الصحيح لمراميها وأهدافها أن نعي هذه الأهداف ووسائل تنفيذها، وأن نقف في جانب مصالحنا الوطنية والقومية. إن وعي الجميع بما يخطط وينفذ في المنطقة يوحدنا في مواجهته حماية لأوطاننا وحماية لمستقبل أبنائنا.

لقد درسوا منذ سنين طبيعة مجتمعاتنا وتقسيماتها وتناقضاتها، ويعرفون حجم التململ بين صفوف الشباب من بطء حركة التغيير والتطور، كما يعرفون حجم الفساد وهم من غذّوه وصنعوا أدواته، فاستغلوه الآن في تحقيق خططهم ضدنا جميعاً حكاماً ومحكومين.

لذلك، ففي البداية لا بد من عملية إصلاح كبرى في الكويت وفي كل منظومة مجلس التعاون في اتجاه مزيد من الحريات والديمقراطية والعدل والاعتماد على الشعب، وبالذات الشباب، في تنظيم حياته ومستقبله. إن الشكل التقليدي للحكم أو التلاعب بالمفاهيم والممارسات الديمقراطية لم يعد مقبولاً وحان الوقت للتوجه إلى الناس والتعامل معهم بندية وإخلاص لإدارة الأوطان والمساهمة في نموه. إن الإصلاح السياسي ليس ترفاً وليس علاجاً لحظياً لمواجهة اضطرابات في الشارع، وإنما هو واجب لحفظ البلد وضمان مستقبله وتأكيد على احترام الشعب وحقوقه والعمل بجد من أجل تحقيقها.

الأمر الثاني، وهو لا يقل أهمية ويأتي في مجال احترام الحكام والشعوب، هو مواجهة ما يحدث من إثارة وابتزاز بأن تتصرف الحكومات لمصلحة شعوبها واتخاذ قرارات شجاعة وحكيمة بمواجهة الابتزاز والابتعاد عن خطط الدول الكبرى وأهدافها في إغراق المنطقة في حروب وويلات لا مبرر لها. ولعل الموقف من إيران وما تسعى إليه الدول الغربية وإسرائيل من زج العرب في هذه الحرب أو حتى التهديد بالحرب واستمرار ابتزازنا لكي نتسلح ونهدر كل ثروات المنطقة على السلاح تجعلنا نعيد النظر في أهداف تحالفاتنا وأسلوب التعامل مع الحلفاء، إن كان لا بد من هذا التحالف، واتخاذ مواقف واضحة وحاسمة تعلن أننا لن نكون مع الحرب ولن تكون أراضينا مفتوحة لجيوش الغرب لضرب بلد مسلم مثل إيران، بل أزيد على ذلك بأن المصلحة العليا لدول الخليج العربي تقتضي أن تعلن دول الخليج وبقية الدول العربية والإسلامية أننا ضد هذه الحرب، وأننا نقف مع إيران ولنا موقف مبدئي ضد أي دولة تعتدي على أي بلد عربي أو إسلامي.

في كل دولة هناك تجار سلاح يبيعون أوطانهم وشعوبهم من أجل الإثراء السريع. هؤلاء موجودون عندنا وفي دول الخليج العربي وإيران والعراق وبين رجال الجيش والسياسة ومصانع السلاح وباعته في الدول المصنعة والمصدرة. وتجارة السلاح من أسوأ أنواع التجارة لأنها تخلق الفرص للتدمير دون وازع من ضمير. وعلى حكوماتنا أن تضع حداً لهذه التجارة وتفضح أصحابها وتتقي مخاطرهم بالتوجه نحو التنمية وبناء مجتمعات متقدمة.

ولا أستبعد أن تكون بداية المشروع النووي الإيراني تشجيعاً من تجار السلاح حتى تقف كل دولة مجاورة لحماية نفسها بشراء كل أنواع السلاح. إن الضجة التي قامت بها إسرائيل ضد مشروع إيران لا يمكن فهم مراميها إلا بهذا السبب. ولو خضعنا لهذا الابتزاز، فإن كل دولة في المنطقة ستشتري سلاحاً نووياً، وإسرائيل تضحك من جهلنا وتنتظر اللحظة التي ننهي المنطقة ومن عليها بأيدينا وبالتعصب البغيض المعشش بيننا.

إن الانصياع للدول الغربية والاستسلام لابتزازها سيجعل كل دولنا خاضعة لكل ما تريده هذه الدول، ورأينا فيما حدث لمصر وليبيا وتونس أن هذه الدول ساندت التغيير ضاربة بالعلاقة الخاصة مع حكامها عرض الحائط، فلم تُفِد تلك الأنظمة سياسة الانبطاح الكامل لإرادة الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية وسعت ومازالت تسعى إلى تغيير كل أنظمتها وتسليمها لأطراف أكثر سوءاً في الغالب هدفها إبقاؤنا في أوضاع مهزوزة وخوف متواصل وحلب كامل لكل مواردنا المالية.

لنعمل من أجل استقلال إرادتنا، وليعمل حكامنا بما يمتلكون من قوة اقتصادية لوقف هذا الابتزاز الذي فاق كل حد حتى أصبحنا لعبة في أيديهم. ولنقل لهم نحن أصدقاء لكم ولكننا لسنا عبيداً ولسنا تابعين لكل ما تريدون.

لنقل لهم إن قرارنا مستقل وإننا نريد أن نبني بلداننا بهذه الثروة، ولا نريد شراء المزيد من السلاح، ولنقل لهم إن الاعتداء على أي دولة عربية أو إسلامية أو أي دولة صديقة هو اعتداء علينا. ولا يخوّفوكم بحراك الشباب أو الأحزاب لأن هؤلاء، إن رأوا أن قراركم مستقل وأن الأهداف الوطنية بين أولوياتكم وأنكم تسعون إلى الإصلاح السياسي والعدالة في الحكم، فلن يكون لهم مبرر للاستماع لدعاوى التغيير المستوردة، فالحكام والشعوب سيكونون في مركب واحد ويعملون لمصلحة الأمة بدلاً من مصالح الغرب. وموارد البلاد ستوظف لمصلحة الأمة وتقدمها بدلاً من السلاح والتدمير.

لنقلها بكل شجاعة لأصدقائنا قبل أعدائنا ولنُرِهم أن حاجتهم لدينا وليس العكس، وأننا نتعاون ولا نتهاون، وأننا طلاب حرية ونرفض الاستعباد بأشكاله وأطيافه الجديدة والقديمة... فهل هذا كثير؟

back to top