الإقلاع عن التدخين عملية معقدة تتطلب اتباع مراحل محددة. فكيف نتحضَّر لها ونثير هذه الرغبة في أنفسنا.

Ad

التفكير في الإقلاع عن التدخين خطوة ممتازة تنتج من عملية نضج نفسي بطيئة. في الكتب المخصصة للإقلاع عن التدخين يصف اختصاصيو العلاج بالوخز المراحل الثلاث التي تميز حياة المدخن.

تتمثل المرحلة الأولى في البدايات المثالية التي يعجب المدخن فيها بأنواع السجائر كافة. ثم تأتي «المرحلة الزرقاء» التي تظهر فيها أضرار التدخين: تصبح البشرة أكثر شحوبًا ويتعب الجسد بطريقة أسرع. ويبدأ المستهلك بالتذمر من الرائحة والسعر. وإذا راودته في أحد الأيام فكرة الإقلاع، لا يتوقف على رغم ذلك بداعي العادة والإهمال... إنها «المرحلة الرمادية». في النهاية، نصل إلى «مرحلة قوس القزح»، حين يطغى تراخي الإدمان على اللذة التي لا تعود موجودة أصلاً: المدخن جاهز للتخلص من التبعية.

أول مهمة يجب القيام بها للتحضر جيدًا للإقلاع عن التدخين هي التحقق من علاقتك بالسجائر. لماذا بدأت بالتدخين؟ لنتذكر أننا كلنا أفراد «راغبون». والتدخين ينشئ في داخلنا بشكل خادع شعورًا بالكمال. فنشعر لبعض الوقت ألا شيء ينقصنا. وهذا هو التأثير بالذات الذي نبحث عنه في السجائر.

لذلك، ما على غير المدخن المستقبلي سوى الانتقال من الفراغ إلى النقص مفتشًا عن مصادر أخرى غير سامة لإشباع الرغبة والتوصل إلى التوازن الجديد. سحق عقب السيجارة ضروري، لكنه غير كافٍ. فعلينا أن نبحث لنرى ما وراء ستار الدخان.

تحديد قدرات المقاومة

إذا كل مدخن يختلف عن المدخن الآخر فبعض المخاوف مشتركة. أولها هو التخوف من كسب الوزن. اتضح أنه، بالإضافة إلى خصائص السيجارة المفقدة لشهوة الطعام، فهي تسبب بحرق مزيد من الطاقة. لذلك نكسب بعض الكيلوغرامات (بمعدل 3 إلى 5 كيلوغرامات) عند الإقلاع عن التدخين. إنها حقيقة أحصائية يمكن تصحيحها من خلال الحفاظ على التوازن الغذائي وممارسة التمارين الرياضية بانتظام. لكن كيف لنا أن نتحمل صورة جسدنا السمين؟ من خلال تقبل فكرة أن هذه الكيلوغرامات الزائدة لا مفر منها، لكن سيزيد تقبلنا لها إذا تحولت إلى عضلات بفضل التمارين الرياضية.

فضلاً عن ذلك، نقلق حيال تخلينا عن سلوك يشكل جزءًا من شخصيتنا. في الواقع، يجهل البعض كيف يتعامل مع جسده ويشعر أن السجارة تحميه من الآخرين. من المهم هنا تصور علاقة مختلفة مع حركاتنا الإيمائية. في البداية، لنلجأ إلى غرض جديد، القلم مثلاً.

يخفي التدخين لدى البعض خوفًا من الفراغ أو الملل، وهما شعوران مكونان للحالة الاكتئابية. من المهم إذًا التفكير باستراتيجيات تساعدنا على إغناء حياتنا وإعادة إحيائها. فلنحاول أن نكتشف مصادر اهتمام جديدة ونوسع شبكة علاقاتنا لأجل التوصل إلى تصور لحياتنا اليومية تتضمنه نشاطات مفيدة. في النهاية، الخوف من النقص فعند التخلص من حالات الإدمان كلها، يؤدي بالإنسان إلى الشعور بالإحباط.

التعرف إلى مرحلة الفطام

من المفضل معرفة التوقعات لأجل الانتقال إلى مرحلة التطبيق: فالإقلاع عن التدخين يؤدي إلى اضطرابات جسدية ونفسية متعلقة بإزالة النيكوتين والتخلص من سموم المضافات الكيماوية التي تحتوي عليها السيجارة.

سعال، تقرحات الفم، صداع، دوخة، اضطرابات الجهاز الهضمي، تعب، قلق... تطول قائمة المتاعب التي قد يتعرض لها الجسم خلال عملية الفطام. وليس من النادر أيضاً أن نلاحظ ظهور اضطرابات في النوم والتركيز فضلاً عن سرعة الانفعال والقلق وحتى حالة انهيار فعلية.

إذا لم تكن محاولة الإقلاع هذه هي الأولى لك، يكون الجسم عالمًا بكيفية التفاعل مع النقص في النيكوتين. إنه إذًا وقت توقع متاعب الفطام عن التدخين وتصور الحلول للشفاء منها. في حال الشعور بالغضب السريع، لا تترددوا في اللجوء إلى علاج الوخز بالإبر، اليوغا والعلاج بالاسترخاء... ولأجل تجنب الاضطرابات الهضمية، يمكن للمعالجين بالطبيعة أو بطب الأعشاب أن يتجنبوا أو يصححوا الاضطرابات الفزيولوجية عن طريق الأعشاب المناسبة المنتقاة بعناية. يجب تنظيم هذه الطرق الفاعلة في المراحل الأولى لتحسين مرحلة الفطام عن التدخين.

تدرب مسبق

غالبًا ما نخبر قصة ذلك الرجل الذي سحق آخر عقب سيجارة وأقلع عن التدخين منذ ذلك الحين، ونحاول أن نتشبه به. لكن، من المستحسن أن نتبع استراتيجيات خاصة بنا لأجل الانقطاع عن بعض العادات السيئة: تأخير ساعة تدخين أول سيجارة، تدخين نصف السيجارة، إرجاء تلك التي ترافق القهوة والامتناع عن المسارعة إلى تدخين سجارة بشكل تلقائي عند الخروج من المسرح أو السينما أو الانتهاء من وجبة الطعام... كثيرة هي المناسبات التي يمكنكم خلالها اختبار إرادتكم ومعرفة المرحلة التي وصلتم إليها في مسيرة الإقلاع.

من بين المراحل المهمة، تندرج مرحلة التفكير في التدخين «بشكل سيئ». ففكرة أن نعي أن أوقات التدخين أليمة هي وسيلة جيدة للتحضر للإقلاع عن التدخين. وكثرة التفكير في أننا لا نحتاج إلى التدخين تجعلنا في النهاية نقتنع بذلك. وتزيد كل محاولة في احتمال إثارة وتعزيز عملية الإقلاع.

فضلاً عن ذلك، تقليل استهلاك السجائر لبعض الأسابيع أو بعض الأشهر قبل الإقلاع التام ليس مفيدًا، خصوصاً لدى المدخنين المدمنين. فكلما قللنا استهلاك الدخان يزيد الإدمان على السجائر المتبقية. لذلك، بهدف تحسين عملية الفطام، ينصح بعض الأطباء باللجوء إلى وضع اللصقة لمدة 15 يومًا قبل التوقف عن التدخين مع الاستمرار بالتدخين، ما يؤدي إلى تخفيف الاستهلاك تدريجاً. هذه الطريقة موجهة إلى الأشخاص المتعلقين بالنيكوتين والذين يخشون التوقف التام.

ثمة مستوى خاص بكل فرد للتخلص من السموم، لكن يفسر وقت النضج الضروري الذي يسبق الإقلاع عن التدخين أسباب انتكاس بعض المدخنين فيما ينجح آخرون. ويذهب أحد الأطباء أبعد من ذلك، ليميز بين المتوقفين عن التدخين والمدخنين السابقين. ففي أول فئة توقف الأشخاص عن التدخين بعد صراع دائم مع أنفسهم وبقوا تحت تأثير إدمانهم النفسي. أما في الفئة الثانية، فقد أخذ المدخنون وقتهم الكافي لإنضاج دافعهم ولم يدخنوا مجددًا لأنهم صفوا حساباتهم مع الدخان.