من العناوين المعبّرة التي جسدت طبيعة المرحلة السياسية القادمة "المانشيت" الصحافي بجريدة "الراي" القائل "عهد جديد داخل المجلس وخارجه"، نعم فقد بدأ مجلس 2012 مشواره وبكل المثالب والاحتجاجات على طريقة ولادته، وبمن شارك في الانتخابات والترشح من أجل تشكيله، وقد اختار مكتبه ولجانه، وسوف يكون الطرف السياسي الوحيد الذي سيواجه الحكومة تشريعياً ورقابياً.
وعلى الطرف الآخر بدأ عهد جديد للمعارضة بنوابه السابقين والقوى السياسية الداعمة لها، والحراك الشبابي الذي يبدو أنه مصرٌّ على إثبات وجوده ميدانياً.وشتّان بين الفريقين من إمكانات وقدرات من أجل فرض النجاح السياسي، حيث الفريق الأول يملك الآن القدرة على التشريع ورد الجميل للمجاميع التي لبّت نداء المشاركة، وتبدو مؤشرات ذلك جلية حتى قبل انعقاد جلسة الافتتاح عبر سلسلة تصريحات من أكثر من نائب بتقديم قوانين شعبية، وفي مقدمتها إسقاط فوائد القروض وزيادة العلاوات الاجتماعية. كما يملك المجلس تفعيل أدوات الرقابة والمساءلة لا سيما في ظل المشاريع المليونية، وما يصحبها من شبهات وغياب الشفافية فيها، وهنا قد يحاول النواب إظهار أنفسهم كخيار صعب وشرس.وهذه الإمكانات لا تخلو من ضريبة سياسية، وفي مقدمتها الاصطدام مع الحكومة، حيث أشرنا في مقال سابق إلى أنها تسعى إلى التحرش بالمجلس الجديد، وربما جره نحو الاستجوابات لإظهاره بمظهر المؤزم في ظل أجواء سياسية مكهربة أصلاً في عموم البلاد.وباختصار فإنه يمكن القول إن المجلس محظور عليه الخطأ، وضعفه يمكن في قوة صلاحياته والإمكانات المتاحة لديه، وفي المقابل فإن المعارضة ربما تكون في موقع ضعف من حيث إنها تحتاج إلى النفس الطويل والقدرة على المحافظة على شعبيتها وحشد المجاميع في المناسبات المختلفة، ومن المعروف أن الوقت قد يكون كفيلاً بتراجع أعداد المؤيدين ووجودهم في الساحات العامة وسط إعلام مضاد ومكثف وملاحقة الكثير من الشباب بالاعتقال والمحاكمة. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون رموز المعارضة وخاصة من النواب بمنتهى الحيطة في خطاباتهم وتصريحاتهم، وحتى بعض ممارساتهم الميدانية التي خسرت المعارضة بسببها الكثير، ولكن يبقى سر تفوق المعارضة رغم كل هذه الصعوبات في قدرتها على تنظيم صفوفها، وهذا ما يحتاج إلى الكثير من الكلام لعلنا نوفق في طرح بعضها مستقبلاً، والتمسك بمبادئها، وقد تكون المحكمة الدستورية بمنزلة حبل النجاة لها لتوفر عليها الكلفة السياسية العالية!!
مقالات
مجلس واحد وعهدان!
18-12-2012