مرافعة: فقط قرارات إدارية توفر نظر 20 ألف قضية!
بإمكان الحكومة الموقرة أن تريح كاهل القضاء من نظر ما يزيد على ربع القضايا التي ينظرها سنويا بمعدل 20 ألف قضية، وذلك إذا أصدرت بعضا بسيطا من القرارات الإدارية، وهي بالمناسبة لا تحتاج إلى لجان أو اجتماعات أو توصيات، بل مجرد قرارات تفيد المواطن والمقيم وتريح القضاء، وتقلل من نسبة المصروفات الخاصة والعامة وتصب في المصلحة العامة.وتلك القرارات الحكومية التي ننادي بها تتعلق بالعديد من القضايا، وأولها قضايا الأحوال الشخصية وقضايا البدون، وهي من أكثر القضايا تداولا أمام المحاكم، وما اعنيه بقضايا الأحوال الشخصية تلك القضايا التي تقيمها المواطنات أو المقيمات بعد حصولهن على أحكام بالحضانة بطلب الوصاية بالتعليم على أبنائهن، فوزارة التربية تلزم الحاضنة الحاصلة على حكم قضائي، بأن تلجأ إلى القضاء ثانية للحصول على حكم آخر بالوصاية بالتعليم، بينما تلزمها "الداخلية" إذا أرادت الحصول على جواز سفر للأبناء الذين في حضانتها، ورفض الأب ذلك، أن تلجأ إلى القضاء لاستصدار حكم بذلك، رغم أن حكم الحضانة يغني عن الحصول عن تلك الأحكام اللاحقة التي تفرضها كل من وزارة التربية والداخلية.
وبالتالي ما أنادي به هو أن يصدر كل من وزير التربية والداخلية قرارات باكتفاء الوزارة بحكم الحضانة الذي يتم الحصول عليه، وفي حالة اعتراض الأب بأي شكل من الأشكال فله اللجوء إلى القضاء لإثبات ذلك الاعتراض، حتى لا تبقى الحاضنة رهينة موافقة الأب التي أحيانا تكون لمجرد الرفض فقط، وما يعيد إليها حقها هو الحصول على حكم آخر يعطيها حق الرعاية التعليمية، رغم أن حكم الحضانة كفيل وحده باستيفاء الغرض لو عملت به كل من التربية والداخلية، وحجم تلك القضايا المرفوعة أمام القضاء في كل المحافظات يتجاوز معدل الــ10 آلاف قضية، وأكاد أجزم أن الأغلب منها ينتهي بقبول طلبات الحاضنة فيها، استنادا إلى أن طالبة الدعوى أصلا هي حاضنة، ومن حقها الحصول على الحكم لتولي الرعاية التعليمية لمحضونها. أما القضايا الأخرى التي على الجهات الرسمية في الدولة أن تحسمها، فهي قضية شهادات الميلاد لفئة غير محددي الجنسية، والتي أخذت تداولا كبيرا أمام القضاء، ومازالت اللجنة المسؤولة لفئة غير محددي الجنسية لم تنته من الأمر مع وزارة الصحة للانتهاء من مسألة استخراج شهادات الميلاد، أو الوفاة، وهي من القضايا التي تستلزم حلا تنفيذيا ما بين اللجنة التنفيذية ووزارة الصحة، وعدم حسمها بات يرهق القضاء بنظر الآلاف من هذا النوع من القضايا، والتي بالإمكان حلها وحسمها بقرارات إدارية بعيدا عن القضاء.أخيرا، فإن قضايا التأخير في إنجاز إقامات العاملين الأجانب تأخذ حيزا كبيرا من العرض والنظر أمام قضاء الجنح الجزائي، وينتهي أخيرا إلى تغريم العامل ورب العمل، وكثيرا ما يلزمهما بتعهد، فلماذا لا تأتي الوزارة نفسها ممثلة في الداخلية وتتخذ الإجراء ذاته بدلا من إحالته إلى القضاء، رغم أن هذا النوع من القضايا يمثل عددا كبيرا لا يستهان به؟ولذلك، فالتدخل الحكومي لحسم بعض القضايا التي لا تحتاج إلا إلى بعض القرارات الإدارية سيريح كل الأطراف، علاوة على أن السبب في حسم هذا النوع من القضايا يعود إلى الحكومة نفسها، وبمقدورها أن ترفع كاهل كل تلك الأطراف بحسمها، وعدم تقديمهم إلى القضاء لمجرد التقديم، لعدم رغبتها في حسم الأمور رغم بساطته!