المتابع للأحداث الأخيرة في مصر خصوصاً الهجوم على السفارة السعودية وما صاحبها من هيستيريا جماهيرية وألفاظ قاسية بحق المملكة قيادةً وشعباً يعلم أن البركان المصري مازال ثائراً وصخوره المتقاذفة لا تفرق بين عدو وصديق.

Ad

فالشارع ملتهب تحركه العواطف وربما يستغل بسهولة ومن حيث لا يشعر من أطراف خارجية وما حدث مع السفارة السعودية مرشح للحدوث مع سفارات أخرى خصوصاً الخليجية منها مع أقل شرارة.

لا أريد الخوض في تفاصيل القضية، وهل الإجراءات السعودية تجاه المحامي المصري محل الأزمة مبررة أم لا ولكن ما يعنيني هو هذا الانفلات الجماهيري اللاعقلاني بعد نجاح الثورات حين تشعر الشعوب فجأة أنها تتحكم بمصيرها، ولعل هذا الوضع المنفلت كافٍ لتفسير الموقف السعودي المتخوف في حينه من الإطاحة بحليف استراتيجي مثل الرئيس المخلوع حسني مبارك.

لا أريد أن أترحم على أيام حسني كما يفعل الكثيرون، فلست مَن يترحم على أيام دكتاتور، وإن كان هذا الدكتاتور صديقاً لي، فاحترامي لمشاعر الإخوة المصريين يساوي رغبتي في احترام مشاعري ككويتي عندما يزعجني ترحم أحد ما على أيام صدام حسين مع الفارق طبعاً في درجة القسوة بين النظامين.

ولكني أتساءل لماذا نحن العرب غالباً ما نقع بين خيارين أحلاهما مُرْ فإما أمن قومي وأمان اجتماعي في ظل حكم دكتاتوري، وإما اختراق خارجي وانفلات أمني في ظل حرية وديمقراطية؟!

والعراق خير دليل على ذلك ونتمنى ألا تكون مصر المحروسة مثالاً آخر، لذا على الإخوة في مصر، أياً كان شكل الحكم أو اسم الرئيس المقبل، أن يتجاوزوا هذه المرحله بأقصى سرعة قبل أن تقضي الفوضى على ما تبقى من علاقة بينها وبين السعودية، وهما أكبر بلدين عربيين اقتصادياً وبشرياً وثقلاً سياسياً لكي لا ينكشف ظهر الأمة وحتى لا تكون لقمة سائغة للطامعين أكثر مما عليه الآن، ولتنعم مصر بديمقراطية حقيقية وتجني ثمار هذا الربيع وتكون مثالاً يحتذى به بعيداً عن الغوغاء.