حاربوا الأمراض في رمضان... «صوموا تصحوا»


نشر في 05-08-2012
آخر تحديث 05-08-2012 | 00:01
 د. رباح النجاده اكتشف الطب الحديث السر في قوله تعالى «وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون» (البقرة 184). وجميع الدراسات الحديثة تؤكد أن الصيام ظاهرة صحية طبيعية ضرورية للحفاظ على صحة الجسم وقيامه بوظائفه الحيوية بكفاءة.

يُستخدم الصيام راهناً كوسيلة علاجية للتخلص من أمراض عدة كالسكري والنقرس والقلب والجهاز الهضمي وغيرها. ويؤكد زعيم الثقافة البدنية في أميركا مكفادون بعبارته الشهيرة «الصوم يستطيع أن يبرئ كل علة فشلت في علاجها الوسائل الأخرى». كذلك يوضح الدكتور الكسيس كارل، الحائز جائزة نوبل في الطب والجراحة، أن الصائم يشعر في البداية بالجوع والتهيج العصبي وقد يتبع ذلك شعور بالضعف العام، لكن تحدث إلى جانب ذلك أمور مهمة، إذ يتحرك سكر الكبد ويحرك معه الدهون المخزنة تحت الجلد وبروتينات العضل والغدد وخلايا الكبد، وتعمل جميع الأنسجة على التخلص من السموم والحفاظ على سلامة القلب.

في السياق نفسه، يؤكد الدكتور ماك فادون، أحد علماء الصحة البارزين في الولايات المتحدة، أن كل إنسان يحتاج إلى الصيام للتخلص من سموم الغذاء والدواء التي تثقل الجسم وتقلل نشاطه. فإذا صام المرء خف وزنه وتحللت السموم من جسمه ليصفو تماماً.

في شهر رمضان يتساءل كثر من المرضى عن حالتهم، وتأثير الصيام إيجاباً أم سلباً على صحتهم.

طبياً، الصيام هو صحة وقوة للجسم، إذ يقوم الأخير من الناحية الفسيولوجية على التمرن على زيادة قدرته على تحمل الجوع والعطش فتحدث تغيرات هرمونية وفسيولوجية في جميع أعضاء الجسم ليتأقلم مع نقص المواد الغذائية ومصادر الطاقة. كذلك ينظم الصيام مواعيد الأكل، ما يساعد على إعطاء راحة للجهاز الهضمي.

وعلى رغم فوائد الصيام الكثيرة للشخص المعافى الذي يتمتع بصحة جيدة، إلا أنه قد يكون غير مناسب لبعض الذين يعانون الأمراض. فإذا علم المريض أو شك في أن الصيام يزيد مرضه أو يؤخر شفاءه يجب عليه عدم الصيام.

قد يكون للصيام تأثير إيجابي أو سلبي حسب حالة المريض، لذلك يجب أن يرجع إلى الطبيب المختص قبل أن يقرر الصيام وسنستعرض بعض الأمثلة الشائعة.

مرضى القلب

يستفيد مرضى القلب من الصيام لأن امتناع الصائم عن الطعام ما يقارب 14 ساعة يعمل على خفض المجهود الذي يقوم به القلب من ضخ الدم إلى المعدة، كذلك تقل نسبة الدهون في الدم فيتحسن عمل القلب. لكن يجب الحرص على عدم تناول كميات كبيرة من الطعام عند الإفطار لتجنب إجهاد القلب. عموماً، مرضى الشرايين التاجية والصمامات وارتفاع ضغط الدم الذين لا يعانون من أية مضاعفات يمكنهم الصيام بعد استشارة الطبيب المختص، وينصح أن تكون وجباتهم بعد الإفطار خفيفة وموزعة على أكثر من وجبتين متفرقتين كي لا تمتلئ المعدة ويجهد القلب. كذلك يجب الابتعاد عن الأغذية المالحة والغنية بالدهون المشبعة والكولسترول.

يستطيع المرضى المصابون بالذبحة الصدرية الصيام إذا كانت حالتهم مستقرة بتناول العلاج، إذ تتوافر أدوية يمكن تناولها مرة أو مرتين يومياً. ولا ينصح بصيام المصابين بالذبحة الصدرية غير المستقرة. كذلك لا ينصح بصيام مرضى الجلطة الحديثة، فالصيام عن الشرب يؤدي إلى زيادة تركيز الدم ورفع نسبة لزوجته. ولا ينصح أيضاً بصيام مرضى القلب بعد الجراحات خلال الستة الأسابيع الأولى بعد الجراحة.

أما المرضى الذين يعانون فشل القلب الحاد فيحتاجون إلى تناول المدرات البولية وشرب كمية كبيرة من السوائل، لذلك يجب عليهم عدم الصيام. أما إذا استقرت حالتهم فيمكنهم الصيام بعد الرجوع إلى الطبيب المختص.

مرضى الجهاز الهضمي

يعالج الصيام كثيراً من مشاكل الجهاز الهضمي مثل زيادة الحموضة والقولون العصبي وعسر الهضم وانتفاخات البطن لأن امتناع الصائم عن الأكل والشرب فترة الصيام يعطي فرصة لعضلات الجهاز الهضمي وأغشيته بأن تتقوى ويزيد عملها وحيويتها. ويجب على المرضى الابتعاد عن الأطعمة الدسمة والحلويات والبهارات والمخللات عند تناول الطعام.

كذلك يفيد الصيام في علاج الاضطرابات المزمنة للأمعاء والمصحوبة بتخمر المواد النشوية والبروتينية حيث يحصل الجهاز الهضمي على الراحة خلال فترة الصيام وهذا يعطي الأمعاء فرصة للتخلص من الفضلات المتراكمة فيها.

أما مرضى القرحة الحادة فالصيام غير مناسب لهم لأنهم يجب ألا يتركوا المعدة فارغة فترة طويلة، فالقرحة تزداد شدة بزيادة حموضة المعدة لذلك ينصح بتناول من أربع إلى ست وجبات صغيرة يومياً لتعديل حموضة المعدة. أما المرضى الذين لديهم قرحة غير حادة فيمكنهم الصيام بحرص على أن يتم تناول الأدوية كل 12 ساعة ومن الممكن تحديد المواعيد من دون حدوث تضارب مع الصيام.

السكري

ثمة نوعان من السكري، فمرضى النوع الأول يعتمدون على حقن الأنسولين وقد يأخذون الحقن أكثر من مرة يومياً وقد يعانون نقصاً حاداً في السكر أو زيادته لذلك لا ينصح بصيامهم. أما مرضى النوع الثاني الذي يظهر مع تقدم السن غير المعتمد على الأنسولين والذي يُعالج بالحمية الغذائية أو الحبوب، فغالباً يُحسن الصيام حالتهم لذلك يمكنهم الصيام بعد استشارة الطبيب المختص. في حالة الصيام، عليهم الإكثار من السوائل والإقلال من النشاط البدني، خصوصاً في نهاية النهار وتأخير السحور.

أسباب الارتفاع الشديد في مستوى سكر الدم في رمضان:

- إهمال العلاج.

- تناول طعام غني بالسكريات المركزة والحلويات والعصائر المسكرة.

- تناول طعام غني بالنشويات البسيطة والدهون.

- عدم ممارسة الرياضة وقلة المجهود البدني.

أعراض ارتفاع السكر في الدم:

- الجوع الشديد.

- الشعور بالتعب والإرهاق المفاجئ والمتزايد.

- الدوار والصداع.

- زيادة إفراز العرق.

- رعشة في اليدين.

- زغللة في العينين.

- سرعة ضربات القلب.

- الميل إلى فقدان الوعي.

- قد تحدث غيبوبة سكر.

يجب التنبيه على أنه في حالة حدوث دوخة أو ضعف، فيجب على مريض السكر الإفطار حالاً وعدم الانتظار حتى في حالة قرب موعد الإفطار. وشرب الماء في الحال وتناول عصير أو أي سائل يحتوي على السكر، ثم مراجعة الطبيب.

الصيام فرصة لخفض نسبة السكر في الدم وإعطاء غدة البنكرياس فرصة للراحة بعد العمل المرهق الذي تقوم به طوال العام، إذ تفرز الأنسولين الذي يحول السكر الموجود في الدم إلى دهون تخزن في الأنسجة، فإذا زاد الطعام المتناول عن كمية الأنسولين التي يفرزها البنكرياس يصاب المرء بالسكري.

نصائح لمرضي السكري في رمضان:

- التقيد بتعليمات الطبيب المعالج.

- تناول الإفطار والسحور ووجبة خفيفة بينهما.

- عند الإفطار يجب البدء بتناول حبتين من التمر وكوب عصير طبيعي من دون سكر أو لبن قليل الدسم قبل تناول الحبوب.

- الإكثار من شرب السوائل الخالية من السكر كالماء والأعشاب الطبيعية لمنع حدوث نقص في السوائل خلال النهار.

- يفضل أن تحتوي وجبة الإفطار على أطعمة غنية بالسوائل كالشوربة والمرق قليل الدسم.

- تجنب المشروبات الرمضانية التقليدية الغنية بالسكر كالقمر الدين والتمر الهندي والعرق سوس، واستبدالها باللبن أو الحليب الخالي الدسم والعصير الطبيعي غير المحلى.

- الإكثار من تناول الخضروات الطازجة والمطبوخة في الوجبات.

- عدم الإكثار من الطعام والإصابة بالتخمة.

- ممارسة الرياضة الخفيفة بعد الإفطار بثلاث ساعات على الأقل للحفاظ على توازن سكر الدم.

- تجنب المجهود البدني الشاق خلال فترة الصيام.

الحساسية

يزداد بعض أمراض الحساسية بتناول أنواع معينة من الأطعمة مثل السمك والبيض والحليب والموز وغيرها. وأثناء الصيام يرتاح الجسم من هذه الأطعمة وتتحسن حالة المريض. كذلك يقلل الصيام من نسبة الماء في الدم، بالتالي تقل نسبته في الجلد فتزيد مناعته ومقاومته للميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية، تنخفض الإصابة بالأمراض التي تنتشر في مساحات كبيرة من الجلد كالصدفية، فضلاً عن مشاكل حب الشباب والدمامل والبثور والبشرة الدهنية.

الفشل الكلوي

لا يستطيع مرضى الفشل الكلوي الصيام بسب اختلال توازن الأملاح والماء في أجسامهم، فيحتاجون إلى شرب الماء والجفاف يضر بحالتهم. كذلك لا ينصح بصيام مرضى الحصوات الكلوية في الأجواء الحارة، إذ تقل كمية السوائل في الجسم مما يساعد على زيادة حجم الحصوات أو تكوين حصوات جديدة. أما في الأجواء المعتدلة فيمكن لمرضى الحصوات الصيام بعد استشارة الطبيب المختص، ويجب على المرضى الإكثار من شرب السوائل، خصوصاً الماء بين الفطور والسحور والإقلال من تناول اللحوم والدهون، وتجنب الحر والمجهود الشاق أثناء الصيام.

الالتهاب الكبدي

يستطيع مرضى الالتهاب الكبدي المزمن أو غير النشط الصيام لأنه لا يؤثر في تناولهم العلاج، كذلك لا يحتاجون إلى طريقة معينة في التغذية. لكن ينصح بأن يبدأوا الإفطار بالتمر وشرب العصير أو الشوربة ثم الصلاة، وبعد ذلك يستكمل الإفطار كي لا يرهق الجهاز الهضمي. كذلك ينصح بالابتعاد عن المخللات والأطعمة الدسمة.

النقرس «داء الملوك»

ينتج هذا المرض من زيادة تناول اللحوم الحمراء، ما يؤدي إلى ترسب حمض البوليك في المفاصل، خصوصاً مفصل الأصبع الكبير في القدم لذلك فإن إنقاص الطعام في الصيام يساعد في علاج هذا المرض. كذلك يستفيد من الصيام المرضى الذين يعانون ألماً في المفاصل، لأنه يخلص الجسم من النفايات والفضلات.

أمراض الدم

لا ينصح المرضى الذين لديهم تخثر في الدم بالصيام لأنه يزيد من إمكان حدوث تجلط داخل الأوردة والشرايين. من يفضل الصيام يجب أن يتناول الأسبرين مرة يومياً بعد استشارة الطبيب المختص.

زيادة الوزن والسمنة

يعمل الصيام كبرنامج حمية تنحيفية طبيعية تقوم على إذابة الدهون إذا التزم الصائم بالاعتدال في تناول الأكل بعد الإفطار وزيادة الحركة، والابتعاد عن الكسل وكثرة النوم.

back to top