مَنَّ الله عليّ ببيئة أسرية تكن للمرأة كل التقدير والاحترام، ولا تعاملها إلا أحسن معاملة، ولكن ما سأكتبه اليوم هو نتاج مجتمع بل نتاج العالم العربي بأسره، الذي اجتمع على معاملة المرأة وكأنها مخلوق ثانوي، هامشي، من الدرجة الثانية.
عزز المجتمع عندنا مفاهيم الأنا بقوة لدى الرجل، وجعله يشعر بفخر واعتزاز بنفسه أودى به إلى الغرور القاتل الذي جعله يرتكب الفواحش، ويسرق، ويلحد، ويسكر، ويبطش، ومع ذلك يسامحه المجتمع بكل طيبة وود... فقط لأنه ذكر!نعم مجتمعاتنا العربية متحاملة على المرأة، وتعاملها وكأنها عنصر يجب عليه أن يضحّي ويقدّم ويتّسم بالفضيلة والشرف، وأي شيء عدا ذلك فهو تحرر وعبث وقلة أدب، حتى إن كان ما تقوم به ليس حراماً شرعاً، إلا أن المجتمع أجاد في تحجيم دور المرأة وجعلها متكلة بشكل أو بآخر على الرجل، يتحكم بمصيرها ويقرره عنها، ولربما أعطاه الحق أحياناً أن يسلبها حياتها بدافع الغيرة على حريم بيته!نعم مجتمعاتنا، تزين للرجل أن يعبث بقلب النساء وتعتبره "دونجواناً"، وإذا أرادت المرأة أن تعبث بقلب الرجل تصبح منحطة.الرجل إن شاء أن "يحجّب" أخته أو زوجته فهو غيور على دينه، لكن إن شاء أن يهزّ كتفيه مع راقصة في ملهى فهو شقي وجذاب.الرجل إن شاء أن يحرم المرأة التابعة له أياً كانت سواء كانت أختاً أو زوجة أو أماً أو حتى عشيقة، فهو بذلك رجل يفرض رجولته، وإن شاءت تلك المرأة أياً كانت أن تعترض فهي "عاصية".المجتمعات العربية تبدو وكأنها ترتدي نظارات وعدسات مكبرة حول المرأة، تراقب تصرفاتها، تسيء الظن بها، تتواطأ لتوقعها بخطأ ما، هذا الخطأ ليس سوى تصرف عادي، يتم التعامل معها بكثير من الإذلال والمهانة، وترويج أمثال بالية مثل "اكسر للبنت ضلع يطلع لها 1000 ضلع"، حتى الأمثال تتأمر ضد المرأة، وتقف في مصلحة الرجل حين تعتبره "رِيّال وناقل عيبه".نحن نواجه أزمة مجتمع سيئ الظنون، مليء بترهات العادات والتقاليد البالية، متخم بفكرة أن الرجل مخلوق من الدرجة الأولى، وعليه أن يتعامل مع أي مخلوق على أنه من الدرجة الثانية.أنت لم تخلق رجلاً بإرادتك لكن كن رجلاً بأفعالك، وأنتِ لم تخلقي امرأة بإرادتك لذا أعزي نفسك ولا تتعاملي معها وكأنك فعلاً مخلوق ثانوي ومهمش.تذكري أيتها المرأة أنك أنتِ رمز الجمال في هذا العالم الموحش، ولا تصدقي ترهات مجتمع غاص بالذكورة حتى ثمل بوهم اسمه، "أنا رجل إذن أنت لا شيء"!"قفلة":إثارة الشغب مرفوضة وكذلك محاولة زعزعة الأمن، حين أردت أن تقاطع باحترام... فأنت بذلك أوصلت رسالتك بمنتهى الرقي، لكن أن تثير الشغب في وطن هو بيتك الأكبر، فأنت بذلك لست سوى ابن عاق.
مقالات
منظور آخر: هل المرأة مخلوق ثانوي؟
10-12-2012