قوانين مسلوقة!
أدعو السادة النواب إلى مراجعة العديد من الاقتراحات التي سبق تقديمها في الفصول التشريعية السابقة خصوصاً مجلسي 2008 و2009 لأنها تحتوي على أفكار متميزة خضعت للكثير من المناقشة في اللجان، ومع الجهات الحكومية المختصة، ويمكن الاستفادة منها بشكل حقيقي خلال الفصل التشريعي الحالي.
تملك الأغلبية البرلمانية رقماً صعباً ليس على صعيد الرقابة والمحاسبة البرلمانية، إنما فيما يتعلق بالجانب التشريعي وإقرار القوانين، وقد لا تكون هذه الأغلبية متماسكة في الفكر أو متفقة على الكثير من الأولويات بتفاصيلها، لكنها على الأقل يفترض أن تكون على درجة عالية من المسؤولية لإقرار القوانين التي من شأنها أن تصب في المصلحة العامة.وبشكل سريع نذكر قضيتين مهمتين لا تعكسان مسيرة المجلس الحالي بشكل إيجابي على الصعيد التشريعي وهما قانون المدينة الطبية وقانون الجامعة التطبيقية، حيث تم إقرارهما بسرعة غير طبيعية في المداولة الأولى، وأعتقد لو تم التصويت عليهما في المداولة الثانية لكنا أمام مرحلة قد تسبب فوضى تشريعية، حيث لا تلبي مثل هذه القوانين المسلوقة الطموحات التي ينتظرها الشعب الكويتي، خصوصاً في ظل توافر أغلبية عددية لم تكن موجودة في المجالس السابقة، وقد لا تتكرر في المستقبل أيضاً. وإنني أدعو السادة النواب إلى مراجعة العديد من الاقتراحات التي سبق تقديمها في الفصول التشريعية السابقة خصوصاً مجلسي 2008 و2009 لأنها تحتوي على أفكار متميزة خضعت للكثير من المناقشة في اللجان، ومع الجهات الحكومية المختصة، ويمكن الاستفادة منها بشكل حقيقي خلال الفصل التشريعي الحالي.فالمدينة الطبية على سبيل المثال يفترض أن تشتمل على نماذج عدة- بدلاً من مشروع واحد- موزعة على مستوى جميع المحافظات وتحتوي على مرافق حديثة تخدم تطوير الخدمات الطبية مثل مراكز البحوث والمصحات العلاجية وتبرز جانب السياحة الطبية وتوفر فرص عمل لكوادر علمية جديدة تستوعب حجم الطلب على هذه التخصصات مستقبلاً.أما الجامعة التطبيقية وكما أُقر مقترحها الحالي فلا تسمن ولا تغني من جوع؛ لأنها باختصار تحاول اقتطاع مجموعة من الكليات الحالية التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وتحويلها إلى مجرد اسم جديد، وهذا يعني نقل مجموعة من الطلبة والأساتذة من مبنى إلى آخر، وهو لا يعني بأي حال من الأحوال أننا أمام مشروع بناء جامعة جديدة على الإطلاق.وفي اعتقادي أن الجامعة التطبيقية الجديدة يجب أن تتأسس وفق رؤى حديثة، وتأخذ بعين الاعتبار التخصصات المهنية المستحدثة بما يتناسب مع سوق العمل في المستقبل، وأن تكون مؤسسة تعليمية مستقلة تماماً عن الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، وبإدارة خاصة بها وبكادر تدريسي يتم إعداده من الآن من نخبة الخريجين الجدد ليواصلوا دراساتهم العليا في الجامعات العريقة، وأن تكون لاستيعاب الطلبة من خريجي الثانوية العامة بالدرجة الأولى.نعم نحتاج إلى ثورة تشريعية لتحقيق نقلة نوعية وتنموية إصلاحية ولكن بتمهل وتعقل وعلى وجه السرعة المدروسة والواعية لتكون هذه التشريعات مفاتيح نجاح، وليس لتكريس التخلف الذي نعانيه على مدى سنوات طويلة من الإهمال والعجز.