بين "فشل" و"إفشال" حرف واحد إملائياً هو الهمزة، ولكن بينهما مسافة كبيرة جدا فعليا وواقعيا، فالفشل هو إخفاق الشخص "أو المجموعة" في تحقيق هدفه لقصور في أدائه، ونقص في إمكاناته وخبرته وأدواته، أما الإفشال فهو– وإن نتج عنه أيضا عدم تحقيق الهدف- نتيجة تدخل أفراد أو مجموعات خارجية تضع العراقيل والمعوقات أمام الشخص المعني بالنجاح. ما يحدث الآن للرئيس مرسي وحكومة هشام قنديل من النوع الثاني، فهناك محاولات متكررة وسعي دائم لإفشالها، وغالبا ستنجح هذه المحاولات حتى إن استمرت الحكومة لكنها لن تستطيع إنجاز أي من أهدافها أو تحقيق آمال الشعب المعلقة، عليها. والسؤال الأول: لماذا يسعى هؤلاء إلى ذلك؟ سبق أن ذكرت في مقال سابق أن جميع خصوم وأعداء الإسلام السياسي توحدوا وتلاقوا في عدائهم للرئيس وحكومته رغم تباين أسبابهم وأفكارهم، فالرافضون للإسلام السياسي أو استغلال الدين في السياسة أو الجمع بين الدين والسياسة كثيرون، وأسبابهم متنوعة ويتوزعون بين أقصى اليسار وأقصى اليمين، وجميعهم لا يفرقون– للأسف- بين رفضهم للإسلام السياسي كتيار أو أسلوب حكم وبين الاستقرار ومصلحة الشعب، فهم يسعون إلى إفشال تجربة حكم الإخوان بأي ثمن، ولو كان حق الشعب في الأمن والاستقرار، ويفعلون ذلك كرها في الإخوان كجماعة وليس رفضا لأهدافهم كسياسة، فهم يؤمنون– بفكر جامد وعقيدة صلبة– أن نجاح الإخوان يعني فشلهم ولا أمل في مناقشة هؤلاء فكرههم للإخوان أكبر من أي شيء آخر. السؤال الثاني: من هم هؤلاء؟ لو فكرنا بهدوء وراجعنا المواقف بدقة لوجدناهم– كما ذكرت- من أقصى اليمين لأقصى اليسار فاليسار عقدته الإخوان منذ زمن بعيد من تاريخ الصدام بين الشيوعية والدين، وما نتج عنه من تفرعات وصدامات كثيرة متنوعة. واليمين (يمكن تمثيله هنا ببقايا النظام السابق) يحاربون الإخوان لأنهم أخذوا مكانهم وقاموا بدورهم وتولوا السلطة بدلا منهم، وبين الاثنين هناك المجلس العسكري والقوى الثورية والمجلس يحاربهم خوفا منهم ومن محاسبتهم له فيما بعد، وحفاظا على هيبته وكرامته التي سعى إلى فرضها بالقوة على الشعب والقوى الثورية تحاربهم خوفا من ضياع الثورة الحقيقية أو عدم اكتمالها وانشغال الإخوان بمخططهم الخاص (تنظيم دولي– خلافة... إلخ) بعيدا عن أهداف الثورة (عيش– حرية- عدالة) ومع هؤلاء جميعا هناك مجموعة ترفض الإخوان لمجرد الرفض، ورغم أنهم أفراد معدودون فإن صوتهم عالٍ وإعلامهم مدوٍّ مثل بكري وأبو حامد، وأخيرا هناك بالتأكيد قوى خارجية عربية ودولية تسعى بكل ما لديها لإفشال تجربة الإخوان في السلطة. والسؤال الأخير: هل سينجح هؤلاء في مسعاهم؟ لا أحد يعلم ولكن المؤكد أن هناك شرخا كبيرا يتسع يوما بعد يوم بين كل هذه القوى مع بعضها بعضا، وكذلك بينها جميعا وبين الشعب الصابر الذي لن يتحمل كثيرا وهذا الشرخ مقدمة لزلزال أتمنى ألا يحدث. *** ما حدث في رفح على الحدود المصرية الفلسطينية أمر لا يمكن النظر إليه بعيدا عن موضوع هذا المقال ومحاولات الإفشال المتعمدة سواء في الداخل أو الخارج، والمأساة أن من سيدفع الثمن هو الشعب الفلسطيني، فلن يقبل مصري واحد بما حدث، وسيؤيد الشعب كله ما سوف يتخذ من قرارات تحفظ للشهداء كرامتهم وتحمي حياة أبنائنا على الحدود.
مقالات
الزلزال
10-08-2012