ليلة القبض على بدرية

نشر في 01-12-2012
آخر تحديث 01-12-2012 | 00:01
 أ.د. غانم النجار تساءلنا في مقال سابق إن كان مجلس التعاون الخليجي هو للتعاون معنا أم علينا؟ كان لافتاً اندفاع بعض المتحمسين لوحدة كونفدرالية ليشبه دول المجلس بدول الاتحاد الأوروبي، هكذا، وربما كان البعض قد صدق ذلك مع أنها فكرة صعبة التسويق، فجاءت الاتفاقية الأمنية التي لم تنشر بعد، لتضيف ملحاً خشناً على جرح مفتوح، بل جرح نازف، ألا وهو جرح الحريات في دول مجلس التعاون، والتي يبدو أنها ضحية بيت عز تائه، يوم الخميس الفارط، توالت الأحداث المكررة، حيث تم اعتقال ناشط و"متوِّت" كويتي هو مشعل الذايدي ضمن مسلسل ملاحقات متكررة، كما شهد مطار الكويت فعلة أخرى بمنع زميلتنا د. بدرية البشر من دخول الكويت بسبب كلمة تم اجتزاؤها خارج السياق من روايتها "هند والعسكر" الصادرة في ٢٠٠٦ والمجازة في الكويت والسعودية، أما ثالثة الأثافي وأشدها وطأة فكانت في الحكم المؤبد على الشاعر القطري محمد بن الذيب العجمي، في محاكمة افتقرت إلى المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، على خلفية قصيدة كتبها في ٢٠١٠ في رده على الشبرمي، ونحن هنا نتكلم من واقع ملف التحقيقات.

عن أي خليج موحد يتحدثون؟ بينما يتم منع أبناء الخليج من التنقل بين أقطاره ويحكم بالمؤبد بسبب قصيدة أو قول، ويتم حبس الناس مدداً طويلة دون اتهام، وتسقط الجنسيات بالجملة دون دور لقضاء لنصبح "كلنا في الهم خليج".

دول الخليج تعيش في مأزق حضاري عليها أن تخرج منه أو على الأقل أن تسعى إلى ذلك الخروج الآمن من خلال احترام مواطنيها، وإقناعهم بأنهم بشر، وهو ما لا يحدث الآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

مسيرة تاريخية

تأتي مسيرة "كرامة وطن" بنسختها الثالثة تحديداً لتكون واحدة من أهم الإضافات النوعية إلى العمل السياسي، فكل ما عداها هو فعل عادي، لا جديد فيه، فقد استطاعت مجموعة شبابية مبدعة أن تقود الآلاف حول فكرة لا أشخاص، واستطاعت أن تنتزع حقاً تاريخياً بالترخيص لمسيرة معارضة للحكومة لأول مرة في التاريخ السياسي الحديث، حتى وإن كنت شخصياً لا أرى حاجة للترخيص، وتفوق شبابها باقتدار على محاولات الاستفزاز الأمنية وفرضوا سلميتهم على الحدث وسعوا إلى تجنب الصدام الذي سعت إليه أجهزة الأمن دون داعٍ، واضطرت السلطة إلى الترخيص لمن كانت قبل أيام تصفهم بأبشع الألفاظ، استطاعوا أن يثبتوا قدرة تفاوضية عجز عنها الكبار، وأحرجوا الجميع دون استثناء بإبداعهم وقدرتهم على إضافة تاريخية غير تقليدية للسلوك السياسي السلمي في الكويت، فإلى أصحاب فكرة مسيرة "كرامة وطن" والقائمين عليها شكراً، فقد قدمتم خدمة لوطنكم وزرعتم نموذجاً للنضال السلمي لتضيفوا أكبر بكثير من مجرد مسيرة.

back to top