أبلغ وصف أطلق على المطالبين الآن بمرسوم ضرورة لتقليص نظام التصويت إلى صوت واحد، كان للأخ الفاضل مرزوق الغانم الذي قال إنه طرح قضية لمن لا قضية لهم، أو بمعنى أدق "اللي ما عندهم شغل"!

Ad

ولو أجرينا مقارنة سريعة بين مجلس 2012 ومجلس 2009، مع أن مجلس 2012 المبطل لم يعجبني في خطابه السياسي أو بعض أولوياته القائمة على ردود الفعل، إلا أن الأول لم يتجاوز عمره سوى ثلاثة أشهر، ومع ذلك فقد كان مطالباً من قبل خصومه أن يحل كل مشاكل البلد، ويشرع كل القوانين الإصلاحية!

في حين أن عودة مجلس 2009 بحكم المحكمة الدستورية وحتى حله ثانية أمس الأول استغرق أربعة أشهر، ناهيك عن وجوده لثلاث سنوات قبل ذلك، أفلم تكن هذه المدة كافية لاجتماع نواب "نبيها صوت واحد" وإقرار مثل هذا القانون الوحيد؟

ويشهد الله، ورغم إحساسي بالخجل إلى الانتماء إلى هذا المجلس الفاسد فإني لا أتحامل عليه، فقد كانت الأغلبية فيه منبطحة تماماً للحكومة في كل شيء تقريباً، والعلاقة بينهما كانت تفوق الانسجام السياسي، ووصل إلى كل أنواع الشراكة بينهما، ومع ذلك لم يتجرأ النواب الذين ينظمون وفوداً بين يوم وآخر لزيارة صاحب السمو والطلب منه إصدار مرسوم ضرورة لتقليص عدد الأصوات، في تفعيل دورهم التشريعي وأدواتهم الدستورية مع كل مقومات القوة السياسية التي كانت بحوزتهم!

نواب "نبيها صوت"، وعلى مدى أربعة أشهر منذ بداية يونيو الماضي، لم يكن لهم "شغل ولا مشغلة"، ودعوا إلى جلسة المجلس مرتين ولم يحضروا أي اجتماع، وكان بإمكانهم الحضور بعد انسحاب عشرين نائباً لكي يسرحوا ويمرحوا في قاعة "عبدالله السالم" ويقروا قانون الصوت الواحد بسهولة.

ومما يدعو إلى الغرابة أيضاً، أن الكثير من نواب الأغلبية في مجلس 2009، أتحفونا بتصريحات متتالية بأن "الأغلبية" البرلمانية في مجلس 2012 قد فقدوا شعبيتهم وتركهم الشارع الكويتي، وقد أتفق مع هذا التحليل جزئياً بسبب الخطاب الفئوي والطائفي لبعض النواب في هذه الكتلة، والسؤال إذا كان هذا الواقع اليوم وأن الأغلبية التأزيمية قد تراجعت، وبالنتيجة لن تحقق انتصاراً كاسحاً في الانتخابات القادمة، فلماذا هذا الخوف؟ ولمَ الإصرار على إدخال البلد في نفق مجهول آخر؟

إن الصوت الواحد وبكل ما قد يحمله من مفاجآت، سيضعنا أمام مشهد غريب عجيب، وهذا المشهد لا يكرس الطائفية والقبلية والتطاحن بين أبناء الدائرة الواحدة، بل لن يخلو من الضرب تحت الحزام بين النواب الذين يطالبون به أنفسهم، ولك أن تتخيل طبيعة المنافسة بين القبائل و"فرعياتها"، وما يسمى بالأقليات في كل دائرة، والأهم من ذلك بين مشتري الأصوات خصوصاً من قبل القبيضة!

ولا يزايد بعضنا على بعض، ففي أغلبية 2012 هناك من يتبنى الطرح الإقصائي والطائفي، وهناك من يرفع سقف المطالب السياسية بطريقة صارت استفزازية، ولكن أيضاً "الخير وايد" في المعسكر الآخر، وبمجرد إجراء مسح ضوئي على البعض في هذه الجبهة الجديدة يكفي لمعرفة مَن يسوّق لمرسوم الضرورة؟... ولماذا؟!