"لو كان لدينا صحف تعمل بشفافية لوجدنا مانشيتاتها... الكويت... بدون... إنسانية!"، تغريدة للمغرد "العقل" اختصر بها حالنا... اليوم الدامي في اليوم العالمي للاعنف! عنوان صاعق خارق حارق لكل القيم... ما حصل من أعمال عنف رصدتها ووثقتها منظمات حقوق الإنسان يعتبر جريمة بحق المجتمع، تسقط بسببها حكومات، ويخضع مسؤولوها للمحاسبة إلا في الدول السلطوية غير الناضجة التي لم يع عقلها القاصر مفهوم الإنسان، مفهوم عصي على الفهم في دولة العنف الديمقراطية التي ينص دستورها (رحمة الله عليه) على أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية"... هو قيمة القيم التي لا تستقيم أي قيمة للحق والعدل دونه، هو تجرد الإنسان من كل الهويات وتساويه مع الآخر بإنسانيته أمام القانون، كما جاء في إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، أما أن يعبث بمصائر الناس جهاز مركزي غير قضائي، يخرجهم من منظومة المؤسسات والقانون، فهو أمر خارج المنطق والعقل والعدل... ماذا يعني أن يحرم إنسان من أن يلجأ إلى القضاء التماساً للإنصاف غير انتهاك بشع لآدمية البشر وإنسانية الإنسان؟ كيف سينصفه من هو خصم وحكم في ذات الوقت؟ لماذا الخوف من القضاء؟ وهل السلطة التنفيذية "أبخص" من السلطة القضائية في حل هذه القضية؟ هل يريدون إقناعنا بأن القضاء ليس أهلاً أو كفؤاً لحلها؟ ولماذا ينزع من القضاء هذا الحق بينما يقر الدستور في المادة 166 أن "التقاضي حق مكفول للناس"؟ أسئلة أتمنى أن يجيب عنها من يؤمنون بالدستور والدولة المدنية.
لكن هل ممكن أن تطبق النصوص إلا أن نتعافى من سلطوية النفوس؟ فطغيان الهويات الشوفينية على الهوية الإنسانية هو سبب اعتلال ديمقراطيتنا القشروية التي تسكن غرفة الإنعاش منذ سنوات.خمسة عقود من العنف الإقصائي والتمييز والعزل العنصري والحرمان والتجريد من الحقوق الآدمية وإهمال المجتمع لهم، ليسحقوا سحقاً ويطحنوا طحناً بحرمانهم من حق التظلم، وهو عنف أبشع من منطق العضلات المفتولة في اليوم العالمي للاعنف. ماذا نرتجي من مجتمع موبوء بفيروس الكراهية والعنف ويعاني أمراضاً اجتماعية، وما السلطة إلا انعكاس له تستمد منه غذاءها؟ ماذا ننتظر من نواب يلهثون وراء من يمتلك صوتاً انتخابياً وتأتي قضية المظلومين في آخر أولوياتهم؟ذقنا مرارة الذل وامتهنت كراماتنا وفقدنا هويتنا يوماً ما... لننتصر لكرامات من ولدوا وعاشوا على هذه الأرض، ولا يعرفون وطناً سواها... ولا سبيل إلا بتحول الثقافة العنيفة إلى قوانين إنسانية عادلة تتوافق ودولة المؤسسات والقانون.ردوا المظالم وكفاكم طغياناً... من حقنا أن نحيا وأطفالنا في بيئة صحية عادلة... نريد أن نردد يوماً ما قاله نيلسون مانديلا: "هذه الأرض الجميلة لن تشهد بعد اليوم ظلم أحد من أبنائها... التحولات التي تحققت لم تكن بجهد الأبطال والقادة فقط، بل كانت بفضل شجاعة الإنسان العادي في بلدي... إنني أؤمن بأن في أعماق كل إنسان رصيداً من الرحمة والتسامح والخير، ولا يُولد أحد وفي داخله كُره للآخرين بسبب لونهم أو عرقهم أو دينهم؛ فالكره يُكتسب في ما بعد في الأجواء غير الصحية، وما دام الإنسان قادراً على أن يتعلم الكراهية، فهو قادر على أن يتعلم الحب، لأن الحب أسهل وأسلس على قلوب البشر من البغضاء والكراهية. كنت أرى لمحات الإنسانية حتى لدى السجّان وحراس السجن وفي أحلك الأوقات، صحيح أنها كانت تظهر لفترات قصيرة جداً، لكنها كانت كافية لطمأنتي بأن جذوة الخير باقية في نفس كل إنسان... الحرية ليست فقط التحرر من الأغلال، لكن الحرية أن تعيش حياة تحترم فيها حرية الآخرين".
أخر كلام
بدون إنسانية
05-10-2012