في قراءة لما انتهت إليه الانتخابات البرلمانية على صعيد نسبة المشاركة العامة فيها، بات مؤكَّداً أن ما يسمى بالأغلبية الصامتة لم يجذبها تعديل النظام الانتخابي إلى صناديق الاقتراع بحسب ما كان يُروّج له من إيجابيات، فعزوف 60 في المئة من الناخبين، سواء من باب الموقف السياسي المقاطع أو لأسباب أخرى، يشير بشكل جلي إلى أن تعديل القانون ليس عاملاً مساعداً للمشاركة ورفع نسبتها بل هو سبب في تراجعها.

Ad

أما على مستوى التمثيل الاجتماعي داخل البرلمان فحققت المقاطعة نجاحاً كبيراً داخل البيت القبلي، وتحديداً في أوساط القبائل الكبيرة "مطير" و"العوازم" و"العجمان"، إذ أسقطت "العوازم" المرشحين المنتمين إليها في الدوائر الأولى والثانية والرابعة، واحتفلت "مطير" بإسقاط من خاض الانتخابات من جميع أبنائها في الدائرة الرابعة، أما "العجمان" فاستطاعت أن تسقط جميع مرشحيها باستثناء النائب خالد العدوة الذي لم يحصل إلا على 860 صوتاً فقط، وهو ما يبين حجم المقاطعة الحقيقية لقبائل تملك آلاف الأصوات لكل منها.

في المقابل، فإن "الصوت الواحد" لم يختلف عن "الأربعة" نتيجةً في حال المشاركة القبلية، ولم يحقق هدف كسر الكتل القبلية، إذ استطاع "الرشايدة" حصد أربعة مقاعد في الدائرة الخامسة، وهو ذات التمثيل لهم في الانتخابات وفق الأصوات الأربعة، كما أن قبيلة "ظفير" استطاعت إيصال مرشحين اثنين لها إلى المجلس عبر الدائرة الخامسة لأول مرة، في حين لم يسعف "الصوت الواحد" في إيصال أي ممثل للكتلة الحضرية "السنية" في الدائرة الرابعة إلى المجلس.

ولم يغير التعديل تركيبة الدائرة الأولى كثيراً، أو يفتح نوافذ للأقليات فيها، فالكتلة الشيعية نجحت في استعادة مقاعدها الثمانية بعد أن فقدتها في "الأصوات الأربعة" خلال المجلس المبطل، وزادت تمثيلها في الدائرتين الثانية والثالثة إلى الضعف، وحققت اختراقاً في الدائرة الرابعة والخامسة، لتشكل كتلتها "الأغلبية" الأكبر في المجلس بنسبة ثلث المقاعد لأول مرة في تاريخ الحياة البرلمانية، الأمر الذي من شأنه إثارة الحساسيات.

ومن الثمار التي قطفتها حملات "المقاطعة" ضد مرسوم الصوت الواحد بعد أن فشلت مسببات صدوره في تحقيق أهدافه، ما يتمثل في عدد الأصوات المطلوبة للنجاح، ففي أكبر دائرة من حيث عدد الناخبين وهي الخامسة التي تشتمل على 118461 ناخباً وناخبة، حصل المركز العاشر على ما نسبته 0.004% أي 520 صوتاً، وهي أقل نسبة يفوز فيها مرشح على الإطلاق في نظام الدوائر الخمس، وهي أيضاً أقل من الأصوات المطلوبة للنجاح في نظام الدوائر الـ25 السابق.

ووضع نجاح المقاطعة المجلس الجديد والحكومة المقبلة أمام مشهد جديد غامض في معالمه، لا يبدو في أفقه الكثير من القوانين التنموية والإصلاحية بقدر ما قد يشهد قوانين لتوزيع المال العام على الشعب على هيئة منح لاستمرار كثير من أعضائه بعد أن غابت الرؤى الانتخابية عن حملاتهم.