مرافعة : العدالة لا تتحقق في الجنح إلا بتمييزها!

نشر في 08-07-2012
آخر تحديث 08-07-2012 | 00:01
No Image Caption
 حسين العبدالله من أهم التعديلات التي أقرها مجلس الأمة المبطل بموجب حكم المحكمة الدستورية، هو تعديل نص المادة 200 مكرر من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، والذي يسمح بالطعن بالتمييز على كل الأحكام الصادرة بها أحكام من محكمة الجنح المستأنفة مهما كانت العقوبات الصادرة بها، إلا أنه وبرغم إقرار المجلس المبطل لهذا التعديل قررت الحكومة وللأسف إعادته إلى المجلس، بعد أن قررت عدم المصادقة عليه.

وترجع أهمية تعديل نص المادة 200 مكرر من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية، لكون النص الحالي لا يسمح بالطعن على أحكام محكمة الجنح المستأنفة أمام دائرة جنح التمييز إلا إذا كانت العقوبة المقضي بها هي الحبس، رغم أن هناك عقوبات أعظم من الحبس بحاجة إلى تمكين المحكوم عليه بالطعن عليها أمام دائرة جنح التمييز إذا ما كانت العقوبة المقضي بها الغرامة مع المصادرة أو الإغلاق أو الإزالة للأدوار المخالفة أو حتى العزل من الوظيفة في بعض جنح المال العام وهي عقوبات تكلف المحكوم عليه خسائر كبيرة لا يمكن العوض عنها وتستلزم من باب العدالة بأن يمنح المحكوم عليه فيها فرصة الطعن عليها أمام دائرة جنح التمييز إذ لا يقبل العقل والمنطق القانوني بأن يمنح المشرع إمكانية الطعن على حكم صادر بالحبس لمدة أسبوع ولا يمنح المحكوم عليه بالطعن على حكم بإزالة طابقين من منزله أو حتى بإتلاف بضاعته التي قد تقدر بآلاف أو حتى بمصادرتها أو بالعزل من الوظيفة والتي تمثل مصدر الرزق الوحيد للمحكوم عليه.

وكيف يمنح المشرع تمكين المحكومين عليهم بجنح الصحافة وهو ما كنت أنادي به اثناء التعديلات على قانون المطبوعات 3 لسنة 2006 بالطعن بالتمييز على حكم الغرامة، ولا يسمح لمحكومين أيضا بالجنح العادية بغرامات أن يطعنوا بها أمام دائرة جنح التمييز؟

أليس من العدالة ألا تتمايز المراكز القانونية بين المتهمين في ذات الفعل الواحد؟! فكيف يمنح المتهم المحكوم عليه بقضية رأي قدم للقضاء بسبب مقال نشره في صحيفة يومية أو قناة تلفزيونية ويحاكم أمام ثلاث درجات تقاضي ويكفل له الحق بالطعن بالتمييز، بينما يمنح درجتي تقاض وبدون حق الطعن بالتمييز في ما لو كان قد قدم أمام القضاء لإبداء رأي مجرم على سبيل المثال بسبب مقال أو رأي أبداه بمواقع التواصل الاجتماعي أو حتى مقال نشرته صحيفة إلكترونية؟!

إن صحت وجهة النظر الحكومية من أن سبب إعادة النص لوجود مشاكل في صياغة النص المعتمد فلها أن تزيل اللبس الذي يتضمنه التعديل أو أنها تأتينا بتعديل على الأقل موسع لطرق الطعن بتمييز الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستانفة، فالخطورة التي نظر إليها المشرع وعدل قانون الإجراءات في عام 2001 بالسماح بالطعن بالتمييز فقط على القضايا التي تكون العقوبات المحكوم بها بالحبس، وتتوافر أيضا في العقوبات الأخرى التي لا تقل خطورة على الحبس، علاوة على الأضرار التي ترتبها تلك الأحكام والتي قد يتم إلغاؤها من التمييز لما قد ينال منها الخطأ في تطبيق القانون أو الخطأ في تحصيل الواقعة أو الفساد في الاستدلال وغيرها من الأسباب القانونية التي قد تنال من الأحكام القضائية وتجعلها قابلة للطعن عليها.

back to top