آمال: الجويهل... يرسخ العادات
![محمد الوشيحي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1579110147954926500/1579110167000/1280x960.jpg)
على أن استجوابات الأقلية ضرورة طبية للوزراء، تماماً كالأمصال المضادة للأمراض. والأمصال، كما تعلمون، هي كميات قليلة من البكتيريا المسببة لمرض ما يُحقن بها الجسم ليشكل درعاً واقية أمام المرض ذاته. وأجزم وأزعم أن الوزير الذي استجوبته الأقلية ونجا، أو ستستجوبه وينجو، قد بنى قلعة يصعب حتى على تيمورلنك وجيوش التتار دكها بمنجنيقهم العظيم، مالم تقرر الأغلبية خلعه كضرس العقل. مع التأكيد على جملة "مالم تقرر الأغلبية".وأشعر أن البعض، من داخل المجلس وخارجه، يسعى إلى اظهار الاستجواب كالعجوز الأرملة، لا حول لها ولا هيبة ولا قوة، ويحرض الأطفال على السير خلفها ورجمها بالحجارة لإهانتها، ناسياً، هذا البعض، أو متناسياً، أن السيف وحده لا يخيف، ما لم يكن في يد من يجيد التعامل معه، وكم من سيف اشتكى الجفاف، وصلى صلاة الاستسقاء بحثاً عن قطرة دم واحدة، في الوقت الذي غرق فيه سيف عنترة في بحار من الدماء. فيا سيداتي سادتي، لا تخشوا السيف ولا تستهينوا به، بل اخشوا حامله أو استهينوا بحامله واحتضنوا وسائدكم وناموا، كما في استجواب الجويهل للحمود.وتسألني عن محاور استجواب الجويهل، فأجيب: "هو استجواب قائم على محاسبة الحمود بما فعله ذوو القربى من الوزراء السابقين"، وفي عادات القبائل العربية، يتحمل المرء جرائم قريبه. والجويهل باستجوابه هذا إنما يرسخ عادات أجدادنا التي يحفظها جيداً، بدءاً من نوعية القهوة وليس انتهاء بالقصاص من أقرباء الجاني إذا تعذر العثور عليه.