إن الرقم الخيالي- 300 مليار دولار- الذي ذكرته إذاعة لندن ينحصر فقط في الحسابات المعروفة والمجمدة في أوروبا وحدها، والله العالم كم يصل إذا أضفنا إليه الحسابات المجهولة أو المسجلة بأسماء آخرين، أو تلك التي في أميركا وإفريقيا واليابان والقصور والأسهم والأراضي!

Ad

في خبر بثته إذاعة الـ"بي بي سي" البريطانية نقلاً عن مصادر قانونية ومالية، يصل حجم الأرصدة التابعة لأزلام الأنظمة العربية التي جرفها الربيع العربي والتي تم تجميدها في أوروبا وحدها إلى حوالي 300 مليار دولار!

وحتى تعرف حقيقة المأساة التي تعانيها الشعوب العربية وطبيعة الذل والمهانة السائدة في بلادنا التي تزخر ببحر من المفاهيم والأدبيات، وتطفح بالأشعار والقصائد التي تقشعر لسماعها الأبدان، خصوصاً عندما تتغنى بالمجد والكرامة، نستعرض بعض الأمثلة من أرصدة زعماء أقوى دول العالم، فالرئيس الأميركي أوباما يتقاضى راتباً شهرياً وقدره 40 ألف دولار ولا يملك سوى منزل واحد في شيكاغو وسيارة تويوتا، وله حساب واحد في أميركا، حيث تبلغ تحويشة عمره مليون دولار.

أما المستشارة أنجيلا ميركل، وهي اليوم أقوى امرأة في العالم فلا يتجاوز راتبها الشهري الـ15 ألف يورو، ويوازيها في ذلك الرئيس الفرنسي بمعاش يصل إلى 19 ألف يورو شهرياً، وكذلك رئيس الوزراء البريطاني الذي يتسلم 190 ألف جنيه إسترليني في السنة، ولكن هؤلاء القادة وأسلافهم، وبنفس المزايا المالية، وضعوا دولهم وشعوبهم على قمة العالم لا من حيث التطور المدني ومستوى المعيشة بل على صعيد الحريات العامة والفردية.

وعوداً إلى الزعماء العرب فإن الرقم الخيالي الذي ذكرته إذاعة لندن ينحصر فقط في الحسابات المعروفة والمجمدة في أوروبا وحدها، والله العالم كم يصل إذا أضفنا إليه الحسابات المجهولة أو المسجلة بأسماء آخرين، أو تلك التي في أميركا وإفريقيا واليابان والقصور والأسهم والأراضي!

وحتى تصاب بمزيد من الذعر فإن هذه الأموال تخص فقط زعماء السلطة في مصر وتونس والعراق واليمن وليبيا وسورية، وهي للرؤساء وزوجاتهم وأبنائهم وأنسبائهم فقط، ولك أن تتخيل الحال لو أضفنا بقية الشلة، ولا ألومك لو أصبت بجلطة قلبية وأنت تحلم بكشف حسابات بقية الزعماء العرب الباقين حفظهم الله! ولكن بإمكانك أن تدخل الإنترنت تحت عنوان ويكيبيديا: قائمة بثروة رؤساء الدول الحاليين، وكيف أن العرب فقط يحتلون المراكز الأولى في جميع الفلوس!

ولك أن تتخيل حجم الاستفادة من تدوير واستثمار هذه الأموال في البنوك الأجنبية وعوائدها، في مقابل كل أشكال الفقر والحرمان والمرض التي يعانيها عشرات الملايين من العرب.

وحتى تزداد قهراً، يبدو أن هذه الأموال لن نسترجع إما بسبب القيود القانونية والإجرائية، وإما بسبب إحاطتها بطلاسم ورموز سرية دفنت مع زعمائنا الراحلين والمخلوعين، وبمعنى آخر، وكما يعبر العراقيون: "شيلمهن"؟!

ومع ذلك يستغرب البعض لماذا هبت عواصف الربيع العربي عندنا في المنطقة؟!