طوبى لهم...!
طوبى للقلوب التي تنقل فرحها إلى قلب آخرطوبى للروح التي تنقل عدوى إصابتها بالأمل المزمن إلى روح أخرى بائسة يائسة،
طوبى لليد التي تنتشل غريقاً بعد أن كاد ملح البحر يسد قصبته الهوائية ويموت اختناقاًطوبى لمن يمنح الحب لآخرولمن يعطي السعادة لهولمن يزيح شيئاً ولو يسيراً من تلال العتمة عن صدر آخر لينفذ لقلبه بصيصاً من نورولمن يريح شخصاً من عناء التجديف ويجدف عنه قليلاً ليجنبه مغبة السقوط وقاربه من أعلى الشلال،ولمن يزيح شوكة سامة عن طريق شخصومن يعمر قلباً آيلاً للانهيارومن يحيي وردة شارفت على الجفافومن يعيد ملء غيمة بالمطرومن يعيد السنى لنجمة خبا ضوؤهاومن يبعث الحياة لشفاه فارقت ضحكتها الحياةومن يطعم عصفورة تائهة في الريحومن يصبح عكازة لشيخ مسنوحكاية تفيض بالصبا والجمال لامرأة عجوزطوبى لهؤلاء القادرين على خلق البهجة في نفوس سواهملا ينسوا في عز مشاغلهم الحياتية أن يخبزوا المسرة ويطعموها للحزانى ممن حولهم،هؤلاء العامرة قلوبهم بالعطاء، أي سلام ساحر تنعم به نفوسهمأي نورانية تسكنها أي ربيع لا ينضب ينهلون منه شذاهمأي جداول لا تجف تملأ أوردتهمأبواب قلوبهم مفتوحة في كل وقت لكل طارق، ولكل عابر سبيللا يثنيهم التعب من الإصغاء لآهة، ولا تمنعهم أحزانهم من أخذ دمعة غيرهم في أحضان جفونهممشاعرهم لا تمل من توزيع الدفء بكرم على المحتاجينلم يردعوا من التجأ إليهم بحثاً عن واحة حنان بحجة أن لديهم ما يفيض عن حاجتهم من الهم،قرأوا سورة "عبس وتولى" مراراً قبل أن يردوا الأعمى الذي جاءهم باحثاً عن مسلك آمن في الحياة،اختاروا أن يكونوا منارة بحر، بدلاً من أن يكونوا موجاً هادراًوأن يكونوا طريقاً مرصوفاً بدلاً من أن يكونوا حفرة ليس لها قاعووردة ندية بدلاً من أن يكونوا شوكة مدميةآمنوا بأن الحب وحده هو من يجعل حياة الآخرين جميلةوالحب نعمة لا تكتمل إلا بمشاركة بعضه مع الغيرتأملوا الحياة كثيراً فاستغربوا من أولئك الذين يتعمدون تضييق الأفقوتعكير ماء الفرح، وتسميم هواء البهجةوتساءلوا: أي نفس إنسانية تستطيع أن تنام مطمئنة بفعلتها تلك،أي نفس إنسانية تقدر أن تغلق نوافذ الأمل بإحكام أمام أعين أخرى أضناها البحث عن تلك النوافذوأي نفس تملك أن تسعد نفساً أخرى، أو أن تبلل عطش غصن... ولا تفعلوتساءلوا بحرقة أكثر:إذا خُيرت بين أن تكون وردة خالية من الشوك، وبين أن تكون خنجراً مسموماً، فأي نفسٍ سوية معافاة من الشر تختار الأخيرة؟!قالوا: إذا كان بإمكانك أن تسعد ولو قلباً واحداً، قلباً واحداً في كل هذه الأرض فلقد عرفت روحك طريقها إلى الجنة.