طوبى لهم...!

نشر في 12-04-2012
آخر تحديث 12-04-2012 | 00:01
No Image Caption
 مسفر الدوسري طوبى للقلوب التي تنقل فرحها إلى قلب آخر

طوبى للروح التي تنقل عدوى إصابتها بالأمل المزمن إلى روح أخرى بائسة يائسة،

طوبى لليد التي تنتشل غريقاً بعد أن كاد ملح البحر يسد قصبته الهوائية ويموت اختناقاً

طوبى لمن يمنح الحب لآخر

ولمن يعطي السعادة له

ولمن يزيح شيئاً ولو يسيراً من تلال العتمة عن صدر آخر لينفذ لقلبه بصيصاً من نور

ولمن يريح شخصاً من عناء التجديف ويجدف عنه قليلاً ليجنبه مغبة السقوط وقاربه من أعلى الشلال،

ولمن يزيح شوكة سامة عن طريق شخص

ومن يعمر قلباً آيلاً للانهيار

ومن يحيي وردة شارفت على الجفاف

ومن يعيد ملء غيمة بالمطر

ومن يعيد السنى لنجمة خبا ضوؤها

ومن يبعث الحياة لشفاه فارقت ضحكتها الحياة

ومن يطعم عصفورة تائهة في الريح

ومن يصبح عكازة لشيخ مسن

وحكاية تفيض بالصبا والجمال لامرأة عجوز

طوبى لهؤلاء القادرين على خلق البهجة في نفوس سواهم

لا ينسوا في عز مشاغلهم الحياتية أن يخبزوا المسرة ويطعموها للحزانى ممن حولهم،

هؤلاء العامرة قلوبهم بالعطاء، أي سلام ساحر تنعم به نفوسهم

أي نورانية تسكنها

أي ربيع لا ينضب ينهلون منه شذاهم

أي جداول لا تجف تملأ أوردتهم

أبواب قلوبهم مفتوحة في كل وقت لكل طارق، ولكل عابر سبيل

لا يثنيهم التعب من الإصغاء لآهة، ولا تمنعهم أحزانهم من أخذ دمعة غيرهم في أحضان جفونهم

مشاعرهم لا تمل من توزيع الدفء بكرم على المحتاجين

لم يردعوا من التجأ إليهم بحثاً عن واحة حنان بحجة أن لديهم ما يفيض عن حاجتهم من الهم،

قرأوا سورة "عبس وتولى" مراراً قبل أن يردوا الأعمى الذي جاءهم باحثاً عن مسلك آمن في الحياة،

اختاروا أن يكونوا منارة بحر، بدلاً من أن يكونوا موجاً هادراً

وأن يكونوا طريقاً مرصوفاً بدلاً من أن يكونوا حفرة ليس لها قاع

ووردة ندية بدلاً من أن يكونوا شوكة مدمية

آمنوا بأن الحب وحده هو من يجعل حياة الآخرين جميلة

والحب نعمة لا تكتمل إلا بمشاركة بعضه مع الغير

تأملوا الحياة كثيراً فاستغربوا من أولئك الذين يتعمدون تضييق الأفق

وتعكير ماء الفرح، وتسميم هواء البهجة

وتساءلوا: أي نفس إنسانية تستطيع أن تنام مطمئنة بفعلتها تلك،

أي نفس إنسانية تقدر أن تغلق نوافذ الأمل بإحكام أمام أعين أخرى أضناها البحث عن تلك النوافذ

وأي نفس تملك أن تسعد نفساً أخرى، أو أن تبلل عطش غصن... ولا تفعل

وتساءلوا بحرقة أكثر:

إذا خُيرت بين أن تكون وردة خالية من الشوك، وبين أن تكون خنجراً مسموماً، فأي نفسٍ سوية معافاة من الشر تختار الأخيرة؟!

قالوا: إذا كان بإمكانك أن تسعد ولو قلباً واحداً، قلباً واحداً في كل هذه الأرض فلقد عرفت روحك طريقها إلى الجنة.

back to top