المعركة التي يتأهب نواب أغلبية المجلس المبطل من المحكمة الدستورية لخوضها بسبب لجوء الحكومة إلى المحكمة الدستورية يتعين عليهم تأجيلها إلى ما بعد إصدار المحكمة الدستورية لحكمها في الدعوى الدستورية التي أقامتها الحكومة، باعتبار أنها معركة خاسرة ولن تتراجع عنها الحكومة بحسب الظاهر، وما هي إلا أيام وتنظر المحكمة دعوى عدم دستورية الدعوى، وتحدد تاريخاً لاحقاً للفصل فيها، إما بالإيجاب، ويعني ذلك حل مجلس 2009 وتنفرد الحكومة في إصدار تشريع للدوائر الانتخابية بمرسوم ضرورة، وإما سلباً برفض الدعوى الدستورية، ويعني ذلك إجراء الانتخابات المقبلة وفق نظام الدوائر الخمس، كما أجريت انتخابات 2012.

Ad

ولذلك، فإن المعركة الحقيقية ليست بالتجمع الذي دعت إليه قوى سياسية وتبنته أغلبية مجلس 2012 المبطل، بل المعركة الحقيقية تكمن في شكل ومضمون مرسوم الضرورة الذي ستعمل الحكومة على إصداره عقب صدور حكم المحكمة الدستورية، كما يتوقع الحكم بعدم دستورية قانون الدوائر بمادتيه، وهي معركة يتعين على الجميع أن يدركها ويتشارك في رسمها لا أن تنفرد الحكومة باتخاذها بسبب رفض كل أنواع التعاون معها، وحينها سيكون الجميع «مجبراً أخاك لا بطل» في مسايرة شكل ومضمون مسيرة الحياة النيابية التي سترسمها الحكومة في صياغة المرسوم بقانون بشأن قانون الدوائر الانتخابية الجديد الذي ستصدره الحكومة مرغمة لاستمرار الحياة النيابية بمفردها.

أصبحت حقيقة مؤكدة أن مجلس 2012 وأغلبيته البرلمانية لم يعودا موجودين وأن مجلس 2009 عاد مجدداً بكامل أعضائه ومازالوا مستمرين بتلك العضوية إلا من استقال منهم عبر الأمانة العامة لمجلس الأمة، ومن ثم فإن تجمع نواب مجلس 2012 تحت لواء الأغلبية لم يعد له إلا وجود تنسيقي لحضور التجمعات السياسية، إما في دواوين الأغلبية أو في ساحة الإرادة من دون أن تكون له أهمية أخرى على أرض الواقع، إلا إذا ما غيرت الأغلبية سلوكها السياسي وبدأت تتعاطى مع حقيقة وواقع الوضع الحالي، فحكم الدستورية الصادر في 20 يونيو الماضي طوى صفحة مجلس 2012 ببطلان انتخاباته وعضوية نوابه، ولم تعد الحكومة هي الطرف الأضعف في المعادلة السياسية!

المعركة الحقيقية تكمن في مراسيم الضرورة التي ستنفرد الحكومة في إصدارها بعد حكم المحكمة الدستورية وحل مجلس 2009، والسبب سيكون أن مجلس 2009 لم يُرد له أن ينعقد، فلجأت الحكومة مضطرة إلى التوصية بحله، وبات عليها أن تواجه الواقع بإصدار تلك المراسيم لاستمرار الحياة النيابية تارة بإصدار مرسوم جديد للدوائر وتارة بإصدار مراسيم ضرورة أخرى لا يعرف بعد فحواها!