لم أسمع عن ملتقى نهضة الشباب إلا منذ ٣ أشهر تقريباً، وذلك عندما اتصل بي عدد من الشباب الكويتيين والسعوديين لاستضافتي لإلقاء محاضرة ضمن النسخة الثالثة من ملتقاهم الذي قرروا أن يعقدوه بالكويت في شهر مارس، بعد أن عقدوا الملتقى الأول في البحرين ثم قطر. وبما أنني عادة ما أتجاوب مع تلك الطلبات بغض النظر عن هوية الداعي أو توجهه داخل البلاد أو خارجها فلم يكن هناك بأس. وكان أن حضر بعض الشباب وناقشنا الفكرة والمحاضرة واتفقنا على الموعد وذهبوا ترافقهم السلامة. كان واضحاً أن التوجه العام هو توجه إسلامي عام ومنفتح على الآخر، وهو توجه محمود ومطلوب، واتفقنا على أن نتابع النقاش لاحقاً. إلا أنه قبل بضعة أيام لاحظت ارتفاع وتيرة الهجوم على الملتقى، وبدا ذلك الهجوم ينحى منحى قاسياً وغير منصف مليئاً بالشتائم والمغالطات، وبالطبع نابني، كما يقال، من الخير، أو الشر إن شئت جانب.
وقد تركزت المزاعم والشائعات على قضايا ركيكة مرسلة بأن القائمين على المؤتمر يسعون إلى تقويض أركان نظام الحكم في السعودية أو أنهم ضد الشريعة الإسلامية وأنهم يضللون الناس. وتساءلت، هل أصبح عقد مؤتمر مغلق مخيفاً للبعض إلى هذه الدرجة؟ الاتهامات بحد ذاتها مضحكة وهشة، ولكن حين دخلت قلة من نوابنا على الخط فهمت أننا دخلنا في نفق مزعج. عندما منعت وزارة الداخلية الملتقى متجاوزة القانون والدستور فهمت أننا سائرون في منحدر خطير في هاوية الحريات وأننا أمام أشخاص يريدون أن يفسروا الحرية على هواهم وينسبوها إلى الدين الحنيف لكي يبرروا هجومهم.وبدت لي مشكلة السياسيين العقيمة واضحة جلية باستخدامهم للسلطة التي قد تستخدم ضدهم في التضييق على خصومهم، وهي لعبة جهنمية يلعبها السياسيون من جميع الاتجاهات، سواء أكانوا إسلاميين أم غير ذلك، ولكنها لعبة خطيرة لمن يستخدمها، ففي السياسة عادة ما ينقلب السحر على الساحر.كنت ومازلت وسأبقى، مدافعاً عن أي إنسان تنتهك حقوقه، مهما كان اتجاهه، وربما كانت المصادفة، أن أغلب من دافعت عنهم كانوا من الإسلاميين المتشددين، وبالطبع لن يغير ما جرى من هجوم ظالم في إطار الملتقى من الأمر شيئاً، فمهما كان الظلم، وعلى أي كائن وقع فهو مرفوض، والحمد لله الذي أعاننا بمسطرة واحدة في النظر إلى الأمور، وليعنّا الله عليها دائماً مهما كانت الظروف.زاد اهتمامي بالملتقى أكثر من ذي قبل. عرفت أن فكرة الملتقى هي تطوير أرضية مشتركة خليجية للنقاش التعددي بين مواطني الخليج، شريطة أن تكون الحريات العامة واحترامها نقطة انطلاق.الآن أصدرت "الداخلية" منعها للملتقى دون سند قانوني يسوغ لها ذلك المنع ويقوض الحريات ويشوه سمعة البلاد في الخارج، وهي حسب علمي جرائم أمن دولة يفترض أن تحاسب عليها الوزارة، وحسناً فعلت جمعية الخريجين بإعلانها استضافة الملتقى.نحن الآن أمام حكومة تنتهك القانون ونواب يساندونها على ذلك يتسمى بعضهم بأنهم الأغلبية التي ستصلح البلاد فأي إصلاح مزعوم ذلك الذي يتم من خلال انتهاك الدستور بحجج أوهى من بيت العنكبوت؟! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أخر كلام
الملتقى الذي كان
24-03-2012