Inch’Allah

نشر في 11-11-2012
آخر تحديث 11-11-2012 | 00:01
 ناصر الظفيري إذا كان هناك عمل فني منصف وإنساني قاسٍ كالانسان نفسه فهذا الفيلم الرائع يستحق المشاهدة، للحس الانساني العالي الذي بني عليه ومن أجله. الفيلم ليس نظرة عربية أو احادية للصراع العربي الاسرائيلي، وهو بالتأكيد ليس النظرة الاسرائيلية أو ما يفضله الاعلام الغربي بقيادة أباطرة الماكينة الاعلامية هنا (في الغرب). ورغم أن الدخول في حقيقة الصراع، ولو من زاوية انسانية بحتة، يثير اتهامات لا حصر لها للسينمائي الغربي أقلها أنه معاد للسامية، وهي التهمة المعلبة التي لا تحمل تاريخ انتهاء، فان ذلك لم يمنع مخرجة الفيلم من انجاز عملها بعد عقد كامل من البحث الميداني على جانبي الصراع.

أني باربو-لافاليت ابنة المصور السينمائي الكندي فيليب لافاليت ومخرجة Inch’Allah تتنقل بين القدس والضفة ومخيمات الفلسطينيين وتعيش معهم ظروف الحياة القاسية التى يعيشونها لتكتب نصاً سينمائياً تخرجه بحرفية عالية معتمدة على كاميرا والدها المحمولة في كثير من الأحيان، وهي تجتاز مع العرب الفلسطينيين معاناة نقاط التفتيش. تقول: "أردت أن تكون الصورة حية وناطقة وحقيقية فلم أعتمد على الاستوديو ولكني نقلت للمشاهد الصورة كما هي هنا".

يقدم الفيلم طبيبة كندية تعمل في الأراضي المحتلة مع منظمة أطباء بلا حدود، وتسكن في اسرائيل وتعيش صداقتين مع فتاتين؛ الأولى مريضتها العربية الحامل من معتقل فلسطيني (تقوم بدورها الممثلة الجزائرية الفرنسية صابرينا عوزاني)، والأخرى اسرائيلية تعمل عسكرية في احدى نقاط التفتيش التي تجتازها الطبيبة كل يوم من عملها الى سكنها. تعيش العربية رند على جمع البلاستيك من القمامة التى يرميها المستوطنون من خلف الحائط. وفي يوم ولادتها تتصل بالطبيبة التي تغيب في سهرة في تل أبيب وتخبرها أنها على وشك الولادة، فتطلب منها الطبيبة أن تذهب الى المستشفى لتلتقيها هناك. وأمام الحاجز يرفض الجندي الاسرائيلي أن يسمح لها بالمرور فتلد في السيارة وتحاول الطبيبة أخذ المولود الى المستشفى الا أنه يموت بين يديها. وتحكم المحكمة الاسرائيلية على زياد؛ زوج رند بالسجن المؤبد. تتهم رند صديقتها الطبيبة بأنها لو لم تكن معهم هناك في تل أبيب لما مات طفلها. وتجد الطبيبة منساقة لمساعدتها في نقل متفجرات تفجر بها رند نفسها في مقهى اسرائيلي.

يقدم الفيلم صورة مغايرة للصورة النمطية التي تحملها الأغلبية في أذهانها عن الاستشهادي أو الانتحاري. إنها ليست الموت أو الانتحار لأجل القتل العبثي ولكنها صرخة الجسد الذي لا يملك أمام هذا الاضطهاد سوى دمه. صرخة الدم التي لا تذهب في الهواء كما هو صراخ المظلومين عادة، ولكنها صرخة يسمعها الجميع. حين لا يكون أمام الانسان طريق يستطيع من خلالها اصلاح حياته، وحين يضيع أعز ما يملك الانسان في حياته، وهو وطنه وأحبابه او كما يصف شقيق رند؛ فيصل المشكلة باختصار وهو يخاطب بطلة الفيلم الطبيبة كلو: "هل تملكين شئيا سرقه أحدهم ولا يمكن تعويضه؟".

ما يبقي هو رسالة رند الأخيرة التي لم تجد من الحياة ما تجاهد به سوى دمها وأملها في الجنة ان شاء الله، الكلمة التي ختمت بها رند رسالتها وكانت عنوان الفيلم. بهذه الكلمة لا ينتهي الفيلم، ولكن بالثقب الذي كان يحاول شقيقها الأصغر مريض التوحد ايجاده في الجدار ليرى ما يمكن أن يراه خلف جدار الفصل العنصري البغيض.

back to top