على غير المتوقع أتاهم الحل من حيث لا يعلمون، فقد اعتقدوا أن الحل سيأتي كعادته من سمو الأمير، فكانوا يهيئون ردودهم على هذا السيناريو، فيرددون لأن هذا المجلس يردع الفاسدين، أو لأنه أقوى المجالس، أو لأن رؤوسا أينعت وستقطف، أو لأنه مجلس أحرار "والذي منه" من مصطلحات البطولات.

Ad

لكن أتى الحل من مكان لم يحسبوا حسابه أبدا، فكانت ردود أفعالهم طائشة ومضحكة، فبعضهم يقول إنها مؤامرة حيكت منذ موعد حل مجلس 2009 في ديسمبر الماضي، متناسين أن أحمد السعدون قال في ذلك الحين إن مرسوم الحل صحيح، فإن كانت مؤامرة كما يدّعون فالسعدون شريك فيها لتأييده شكل الحل، ثم قالوا إن حكم "الدستورية" جاء في يوم يفترض أن يناقش مجلس الأمة هيكل المحكمة الدستورية، وهذا عذر أحمق آخر، فجلسة "الدستورية" محددة منذ ما يقارب الشهرين، وكان بإمكانكم مناقشة هيكل المحكمة الدستورية منذ ذلك الحين خصوصا أن محمد الصقر قدم لكم اقتراحه بصفة الاستعجال منذ أبريل الماضي، ولكنكم فضلتم جلسات خاصة لسورية والإعدام، والتسابق على الاستجوابات بدل ذلك.

ثم قالوا يجب أن نحرر القضاء وهم من مجّدوه حينما ألغى شطب فيصل المسلم من الانتخابات، فأصدر القضاء نفسه حكما بإعادته، ولو كان القضاء يحتاج إلى تطوير واستقلالية أكبر لحررتموه قبل صدور أحكامه التي تندبونها اليوم، فنصف أغلبيتكم أساتذة قانون ومحامون، ولكنكم آثرتم التفرغ لرفع الحصانة عن نبيل وجويهل على التشريعات المهمة.

اليوم يرفعون سقف المطالب معتقدين أنهم يستطيعون خداع الشباب الوطني الذي فعلا يريد الإصلاح، فأصبحوا يقولون نريد حكومة شعبية، على الرغم من أنهم اجتمعوا قبل أسبوع مع رئيس الوزراء وقبلوا المشاركة في حكومته غير الشعبية (حسب تعبيرهم) بخمسة مقاعد، فكيف لهم اليوم أن يلغوا ما اتفقوا عليه قبل أسبوع؟!

هو احتمال من اثنين: إما أنهم جهلة غير منظمين لا يعرفون مطالبهم بالضبط، وإما أنهم، وهو المرجح، يحاولون إيهام الشباب لكسب المقاعد.

وهنا أوجه حديثي إلى شباب الحراك الذين لا أشكك في نواياهم وإن اختلفت معهم في الأسلوب: عودوا بالذاكرة قليلا لحراك "نبيها خمس" سواء شاركتم فيه أو سمعتم عنه، المطلب كان واضحاً وعندما حل المجلس على إثر هذا الحراك وأعدنا الانتخاب كان أول ما أقر في المجلس الجديد هو تعديل الدوائر الانتخابية وفي أقل من أسبوعين.

أما المجلس الباطل دستورياً فقد استغل أعمالكم ووعد بتنفيذ مطالبكم، وحقق أغلبية غير مسبوقة بتاريخ المجالس المتعاقبة بفضلكم، فما كان منه إلا أن غيّر أولوياتكم، وبات يسير على أهوائه الخاصة، فهذا يتحدث عن قانون حشمة في شتيمة واضحة لأهل الكويت، وآخر يتحدث عن تعديل المادة الثانية والمادة التاسعة والسبعين من الدستور، ولم تكن مطروحة في فترة الحراك، وثالث يريد إلغاء الكنائس، ورابع يصمت عن كارثة كلفت الكويت 700 مليون دينار من أموالي وأموالكم، وآخر همهم مستقبلنا كشباب.

هم قطعا لا يستحقون دعمكم أو تأييدكم بعد هذا الخداع، والمثل الإنكليزي يقول:

Fool me once, shame on you; fool me twice, shame on me’'