آخر قلاع الثقافة
![فوزية شويش السالم](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928838345230500/1555928850000/1280x960.jpg)
وفي ظل هذا الوضع الراهن القاتم، الذي تراجعت فيه الثقافة وتقلص دورها الريادي في المجتمعات العربية، وانحسر كل وجودها ونشاطها في المظهر الوحيد المتبقي منها، وهو معارض الكتاب.معرض الكتاب بات الرمز الوحيد الذي مازال قائما ومستمرا إلى يومنا هذا، ليمثل لنا مصدرا لبعث الحياة في الثقافة التي باتت أطرافها تنحل وتبدأ في التآكل، وبان انحسار مدها للجميع. معرض الكتاب، الذي بلغ عامه الـ38 في الكويت، والذي يقام في كل عام بين الفترة الممتدة من 21 إلى 30 نوفمبر، بات من أهم المعالم المفرحة التي تحرك الوضع الثقافي وتحييه، وتحدث رجة بسيطة من الإثارة والبهجة، للبحث والحصول على الكتب الصادرة الجديدة، ومتابعة نشاطات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، التي تكون مصاحبة لأيام المعرض، وتستمر حتى بعد انقضائه.هذا المعرض ومهما قيل عنه من أقوال وآراء تدين تشدده في الرقابة، ومنعه الكثير من الكتب، ومنها على سبيل المثال روايتي «سلالم النهار»، يبقى المتنفس الثقافي الأهم في الكويت، ففي زمن الانحسار الثقافي الجاد والمتمثل في الكتاب الورقي، الذي يكافح ليتواجد في عصر انتشار ثقافة الإنترنت الاستهلاكية التي صرفت الشباب عن القراءة الجادة الحقيقية، ودفعتهم إلى صرف وهدر أثمن أوقات المعرفة والتحصيل في مسجات التويتر والانستجرام، التي تخدم وتزيد انتشار التواصل الاجتماعي، الذي ليس أكثر من نقل أخبار وصور تنقضي بانقضاء وقت بثها، ولا يمكن استعادة زمنها المهدور الذي ضاع إلى الأبد في ما لم يفد.ومع هذا فمعرض الكتاب مازال يقاوم ويصارع ليفرض حضوره وثقافته الحقيقية الجادة، وهناك زواره من مختلف الفئات العمرية الذين ينتظرون قدومه بفرح، حتى وإن اختلفت مشاربهم وتطلعاتهم واختياراتهم من عناوين الكتب، يظل هناك من يقرأ في كتاب، ويجب أن يشجع هذا الأمر حتى وإن كان عن الطبخ أو الأبراج أو الرياضة، يبقى الأمل بأن هناك أناسا مازال يستهويها ملامسة الكتاب وقراءته.والجميل هو هذه التحسينات التي جددت المعرض، وحدثت صالاته وحدائقه وبثت روح الجمال والنظام فيه.