رفضت القوى السياسية المصرية أمس (السبت)، بالإجماع الحوار الذي دعا إليه الرئيس، بعد خروجها إلى قصر الرئاسة في مسيرات جماهيرية حاشدة ـ قدرت بمئات الآلاف ـ ليلة أمس الأول (الجمعة) خلال مليونية "الكارت الأحمر"، وبدت مؤسسة الرئاسة المصرية، كأنها تريد، بعد فوات الأوان، أن ترفع الراية البيضاء، بعد أكثر من أسبوعين من الاحتجاج على إصدار الرئيس إعلاناً دستورياً، وصف بـ"الديكتاتوري"، فضلاً عن رفض إجراء الاستفتاء على الدستور، المقرر له حتى أمس، 15 من الشهر الجاري.

Ad

وبينما ألمح نائب رئيس الجمهورية المستشار محمود مكي، إلى إمكانية تأجيل موعد الاستفتاء بشرط تحصين القرار من الطعن عليه، منع معتصمون قوات الحرس الجمهوري من بناء جدار عازل أمام القصر الرئاسي، أمس، في شارع الميرغني، حتى لا يمنعهم من الوصول إلى بوابة القصر، في حين أعلنت قوى سياسية وثورية دخولها اعتصاماً سلمياً بمحيط قصر "الاتحادية"، ورفض الحوار الذي دعا إليه الرئيس، حتى تحقيق مطالبهم، مؤكدين أن اعتصامهم سلمي، نافين ما يتردد في وسائل إعلام "إخوانية"، حول التخطيط لاقتحام قصر الاتحادية، محمِّلين الرئيس وجماعته وحزبه، مسؤولية أي عنف.

من جانبه، اعتبر د. عزازي علي عزازي، محافظ الشرقية السابق، والقيادي البارز في التيار الشعبي، أن الحوار مع الرئيس لم يعد مُجدياً، نظراً إلى أن جولتي حوار سابقتين لم تُنجزا شيئا على حد قوله، وأضاف لـ "الجريدة": "كنا نتوقع وقتها أن يستجيب الرئيس ويعيد الأمور إلى نصابها، إلا أننا فوجئنا بالإعلان الدستوري، الذي يحقق رغبات رئيس فاشي، وبعد أن أُريقت دماء المصريين، وارتكبت المجازر، أصبحت مطالبنا الآن إسقاط هذا النظام".

واعتبر مراقبون، أن الحوار الوطني الذي تمَّ بين الرئيس وعدد من قادة ورموز التيارات الإسلامية، لا يمكن أن يمثل القوى السياسية، حيث أعلن عن أسماء أغلبيتها من التيار الإسلامي، مثل المستشار حسام الغرياني، رئيس الجمعية التأسيسية للدستور، وأبو العلا ماضي، رئيس حزب "الوسط"، والدكتور محمد سليم العوا، المرشح الرئاسي السابق، والكاتب الصحافي فهمي هويدي، والداعية عمرو خالد، في حين اجتاحت حالة من الغضب حزب "غد الثورة" بعد قرار رئيسه الدكتور أيمن نور، حضور لقاء الرئيس، ليكون الخارج الوحيد عن "جبهة الإنقاذ الوطني".

إلى ذلك، تمسكت القوى الاسلامية أمس بإجراء الاستفتاء في موعده وذلك رغم المطالبات بتأجيله.

بلاغات

من جانبها، جدَّدت المؤسسة العسكرية، في بيان لها أمس، موقفها الداعم لشعب مصر، محذرة في الوقت نفسه، من أن عدم الوصول إلى توافق واستمرار الصراع لن يكون في مصلحة أي من الأطراف، وسيدفع ثمن ذلك الوطن بأكمله، لافتة إلى أن "ولاء المؤسسة العسكرية للشعب ولن نسمح بدخول البلاد نفقا مظلما"، مشددة على أنه لا بديل للحوار.

في السياق، أحال النائب العام الجديد، الذي عينه الرئيس مؤخراً، بلاغاً مقدماً من أكثر من 150 عضواً بجماعة "الإخوان المسلمين" أصيبوا خلال أحداث "قصر الاتحادية" مساء (الأربعاء) الماضي إلى نيابة مصر الجديدة للتحقيق، وتضمن البلاغ القول إن أنصار مرسي كانوا في مسيرة سلمية لكنهم فوجئوا بمجموعات من البلطجية تحاصرهم وتعتدي عليهم بالأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف والحجارة وطلقات الخرطوش والرصاص الحي، وقال المحامي ناصر الحافي عضو اللجنة القانونية لحزب "الحرية والعدالة" لـ"الجريدة" إن "من بين المتهمين، حمدين صباحي ومحمد البرادعي وعمرو موسى وجورج إسحاق ومحمد أبو حامد وممدوح حمزة".

يُذكر أن بلاغات، قدمت إلى نيابة وقسم شرطة مصر الجديدة وإلى مكتب النائب العام، ضد الرئيس محمد مرسي ووزير الداخلية، فضلاً عن المرشد العام لجماعة الإخوان محمد بديع، ونائبه خيرت الشاطر، تتهمهم بالتحريض على قتل معارضي الرئيس، فضلاً عن اختطافهم وتعذيبهم، موثقة بمحاضر وفيديوهات وصور فوتوغرافية صريحة، تؤكد أن قوات الشرطة ألقت القبض على 23 متظاهراً إخوانياً حاملين أسلحة بيضاء وخرطوشاً لم يتم فتح تحقيق بها حتى أمس (السبت).

الاستفتاء المرفوض

وبينما أبدت وزارة الأوقاف المصرية، استعدادها للإشراف على الاستفتاء على الدستور المقرر في 15 ديسمبر الجاري، معربة عن أملها في نجاح الحوار الوطني، كشفت مصادر ديبلوماسية أن قرار تأجيل موعد التصويت على الإعلان الدستوري للمصريين بالخارج لم يكن قرار الرئاسة، بل لأن وزارة الخارجية فشلت في إقناع العديد من أعضاء البعثات الديبلوماسية بالإشراف على عملية التصويت الذي كان من المقرر أن يبدأ أمس (السبت).

وقال سفير "الخارجية" الأسبق لشؤون المصريين في الخارجية أحمد القويسني لـ"الجريدة" إن هناك حالة من الرفض بين غالبية أعضاء البعثات الديبلوماسية في الخارج، بشأن الإشراف على الاستفتاء، مشترطين ضرورة التوصل أولاً إلى حل للأزمة الراهنة.