من حق "الإخوان المسلمين" في مصر وفي أربع رياح الأرض وفي كل مكان أن يفرحوا، وأن يهنئ بعضهم بعضاً، وأن يهنئوا "سلفييهم" أيضاً بالفوز بـ"نعم" على "دستورهم" الذي فصَّله محمد مرسي أو فصَّلوه هم على مقاسهم، لكن في كل الأحوال إنَّ عليهم أن يدركوا حتى لو حازوا رقم تسعين في المئة وليس ثلاثة أو أربعة وستين أن مصر في عهدهم وفي ظل انتصاراتهم هذه قد أصبحت منقسمة على نفسها، وأن هناك قطاعاً كبيراً من المصريين يرى أنهم اختطفوا ثورة "يناير" في لحظة تداخلت فيها المعادلات واختلطت فيها الألوان، وأن كل الانتخابات التي انتصروا فيها كانت مزورة. وبالتالي فإنه لابد من "إبْطال" كل ما قام على باطل. إنه انتصار أسوأ من الهزيمة.
هناك مشكلة كبيرة سببها حركة النهضة "الإخوانية" التونسية جعلت السياسي المخضرم الباجي قائد السَّبسي يقول بعد اعتداء "ميليشيات" هذه الحركة على اجتماعٍ لحزبه في أحد فنادق جزيرة "جربة" السياحية: "إن "النهضة" أصبحت أكبر خطر على تونس". وحقيقة أن هذا البلد لم يعرف كل هذا التطرف الديني، ولم يعرف "القاعدة" واستنساخاتها إلا في عهد الشيخ راشد الغنوشي الذي من المفترض أنه لايزال متأثراً بإرث انتمائه الناصري واليساري السابق.كان على إخوان مصر أن يحرصوا حرصاً شديداً على الابتعاد عن شمولية أنظمة الانقلابات العسكرية في العديد من الدول العربية، وكان عليهم ألا يخذلوا الذين راهنوا عليهم، ومن بين هؤلاء كل الذين يتظاهرون ضدهم الآن في شوارع القاهرة وباقي المدن المصرية، ومن بين هؤلاء أيضاً كل "إخوانهم" في الدول الأخرى، ومع هؤلاء جميعاً الولايات المتحدة الأميركية التي من المعروف أنها هي التي حسمت الأمور لمصلحتهم إن بالتأثير على قرارات ومواقف المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، وإنْ بالتأثير والضغط على التوجهات المدنية والليبرالية والعلمانية.لم يعُد "الإخوان المسلمون" بعد تجربتهم البائسة القصيرة العمر هذه يعتبرون البديل المطلوب لما كان قائماً ولما بقي قائماً في المنطقة العربية، فهم فشلوا في أول امتحان لهم، وهم أثبتوا أنهم مازالوا غير مؤهلين للحكم، وأنهم في حقيقة الأمر يتقنون الهدم ولا يتقنون البناء، وأن الغاية بالنسبة إليهم تبرر الوسيلة، وأن غايتهم هي الهيمنة على كل شيء إنْ بالقوة وبالتزوير وإنْ بالألاعيب والممارسات التي لجأت إليها كل الأحزاب الانقلابية التي أوصلت البلاد والعباد إلى كل هذه المآسي التي حلت بالعراق والتي تحل الآن في سورية واليمن "السعيد"!لقد كانت أول تجربة مأساوية للإخوان المسلمين في غزة، حيث دفعت شهوة الحكم "حماس" إلى القيام بانقلاب عسكري هو الأسوأ والأكثر دموية من بين كل الانقلابات العسكرية، وها هي تجربتهم الثانية والثالثة الأكثر مأساوية أولاً في مصر وثانياً تونس، وكل هذا جعل المواطن العادي إن في هذه البلدان الآنفة الذكر وإنْ في الأردن وفي الكويت... وأيضاً في سورية يعيد النظر بمواقفه ومراهناته وحساباته السابقة. والمفترض أن التنظيمات الإخوانية في هذه الدول الأخيرة قد أدركت هذه الحقيقة، وقد لمست تبدل مواقف الناس تجاهها.
أخر كلام
«الإخوان» فشلوا في الامتحان!
24-12-2012