تقلبات أبريل
كانت الحياة في الجمهورية الإسلامية متقلبة تقلب شهر أبريل، حين تختفي الشمس الساطعة فجأة لتحل محلها الأمطار والعواصف. كانت حياتنا كثيرة الاضطرابات. فيتيح النظام فترات من التسامح تعقبها حملة قمع قاسية. وها نحن نشهد اليوم مرحلة من الصعاب والمشقات بعد فترة من الهدوء النسبي والتحرر المزعوم. فتحولت الجامعات مرة أخرى إلى هدف لاعتداءات المتزمتين ثقافياً المنهمكين في فرض مجموعة جديدة من القوانين. وقد ذهب هؤلاء إلى حد الفصل بين الشبان والشابات في الصفوف ومعاقبة كل مَن عصاهم من الأساتذة.اعتبرت جامعة العلامة الطباطبائي، حيث كنت أدرس منذ عام 1987، الجامعة الأكثر تحرراً في إيران. وقيل إن مسؤولاً في وزارة التعليم العالي تساءل عما إذا كانت هيئة المدرسين في هذه الجامعة تخال أنها تعيش في سويسرا. فقد تحوّلت سويسراً إلى رمز للتهور الغربي. وبات كل برنامج أو خطوة تُعتبر غير إسلامية تُدان ويُذكّر أصحابها بسخرية أن إيران بعيدة كل البعد عن أن تكون سويسرا.
عانى الطلاب من الضغط الأكبر. وشعرت بالعجز فيما رحت أصغي إلى قصص لا تنتهي عن المشقات التي تكبدوها. فكانت الطالبات يعاقبن لأنهن ركضن على الدرج بعد أن تأخرن على الصف، لأنهن ضحكن في الممرات، ولأنهن تحدثن إلى شخص من الجنس الآخر. ذات يوم، اقتحمت سناز الصف نحو نهاية الحصة وراحت تبكي. وبين نوبات البكاء، أوضحت لنا أنها تأخرت بسبب الحارسات على الباب. فبعد أن عثرن على علبة لحمرة الخدود في حقيبتها قررن إعطاءها توبيخاً وإعادتها إلى المنزل.لمَ انقطعت فجأة عن التعليم؟ تساءلت كثيراً عن الأسباب التي دفعتني إلى هذا القرار. هل يعود إلى تردي نوعية الجامعة؟ اللامبالاة المتنامية بين ما تبقى من مدرسين وطلاب؟ الصراع ضد عشوائية القواعد والمحظورات؟ رحت أبتسم، متذكرة رد فعل مسؤولي الجامعة حين تسلموا رسالة استقالتي. كانوا قد ضايقوني وحدوا من حريتي بكل الطرق الممكنة، مراقبين زواري، متحكمين في تصرفاتي، ورافضين ترقية طال انتظارها. وعندما استقلت، أثاروا استيائي بتعاطفهم المفاجئ وامتناعهم عن قبول استقالتي. كذلك هدد الطلاب بمقاطعة الصفوف. وكم شعرت بالرضا حين علمت لاحقاً أنهم قاطعوا فعلاً مَن حل محلي على رغم التهديدات بالعقاب. ظن الجميع أنني في النهاية سأرضخ وأعود إلى التعليم.