تعاطي الإقصاء!

نشر في 02-06-2012
آخر تحديث 02-06-2012 | 00:01
No Image Caption
 د. علي عبدالله جمال كثيرة تلك التصريحات والتلميحات التي تصل إلى مسامعنا بشكل شبه يومي، والتي تصدر ممن يفترض أن نطلق عليهم جوازاً صفة "النخبة" سواء كانوا سياسيين أو إعلاميين أو مثقفين أو ناشطين. وما أكثر الناشطين في بلدي، فنسبتهم قد تفوق هذه الأيام نسبة بائعي أرغفة الخبز في شوارع القاهرة!

تبدأ يومك بعناوين الصحف وتصريحات الأبطال، فتتخيل أنك تقرأ حكاية خيالية من حكايات "ألف ليلة وليلة"، أو كأنك تقلّب صفحات كتاب "كليلة ودمنة" المترجم طبعاً من الفارسية إلى العربية (حتى تبعد عن نفسك وأهلك وأبنائك وأحفادك صفة العمالة الخارجية والأذناب)!

ترمي الصحيفة جانباً وتتجه إلى شبكات التواصل الاجتماعي فتلاحقك تصريحات أولئك "النخبة" أنفسهم من سياسيين وغيرهم، ولكنها تصلك هذه المرة منقولة على لسان الجمهور المتعطش. فتقرأ هناك عن الأذناب وخنازير الظلام والحيتان تارة، وعن الجراد والكلاب تارة أخرى، ولا تستغرب نهائياً إذا قرأت عن أنواع جديدة من المخلوقات التي لم يذكرها حتى الجاحظ في كتابه "الحيوان"!

نعم، إنهم "مقززون"، فهم بهذا الطرح المتدني يحترمون الدستور الذي دعا في مادته الثامنة إلى "صون دعامات المجتمع"، وبهذه المفردات البذيئة يساهمون في رعاية النشء أدبياً وروحياً وفي تربية الأجيال القادمة كما نادى الدستور، الذي لم يؤمنوا به يوماً، في مادته العاشرة!

أفكار بالية تأتي من ذلك السياسي الذي لا يكاد يميز اليمين عن اليسار، وتحليلات استراتيجية معمقة نسمعها من آخر لا يعرف كم يبلغ عدد قارات العالم، وأسئلة برلمانية ركيكة لا ترقى أن تكون ضمن أسئلة الاختبارات المفاجئة للصف الثاني، وأخيراً تأتينا استجوابات "اطلعلي بالهدّه"!

مشرّعون يشحنون الشارع طمعاً في الصوت، وشارع منقسم على نفسه ومصطف طائفياً ومناطقياً وطبقياً. "صنّفنا" و"طأّفنا" و"مذهبنا" كل شيء حولنا حسب العِرق والأصل والمذهب واللون، ولم نعد نلتفت إلى بلد يئن من الألم وأجيال تبكي على مستقبلها. فمازلنا نسقي شجرة الحقد حتى حرقنا الماضي ولوثنا الحاضر وهدمنا طريق المستقبل!

إن مكمن العلّة لا يمكن تلخيصه في حكومة ضعيفة ومجلس انتهازي فقط، بل في مجتمع يتغنى بالوحدة والشعارات والتاريخ، إلا أن أفراده يتعاطون "الإقصاء" ولا يقبلون الديمقراطية إلا إذا جاءت على مقاسهم.

ختاماً، أعطوا الشباب مساحة للعمل ليبنوا مستقبلهم بأياديهم، حتى لا يلعنوكم بعد رحيلكم.

خربشة:

غرقتوا "الداو"، لا تغرقوا البلد!

back to top