الصوت الواحد = عدالة التمثيل... وهونها يا الدلال!
النظام الانتخابي في أي كيان ديمقراطي هو أساسه، ومحركه نحو النجاح والإنجاز إن كان متقناً، أو إلى الخراب وتدمير العملية الديمقراطية والبلد إن كان مختلاً ومعيباً، ونظامنا الانتخابي يعاني عدة علل أهمها غياب هيئة مستقلة للانتخابات لتقنين ومراقبة سبل تمويل الحملات الانتخابية والصرف عليها، لتحقيق العدالة والتمثيل المتوازن لكل فئات المجتمع، والعلة الأخطر هي نظام منح الناخب في الدوائر الخمس حق انتخاب أربعة نواب، وهو خطأ فادح في نظام الخمس دوائر أثبتت التجربة أنه مثلب سيمزق المجتمع، وسيوصله إلى مرحلة التصادم والمواجهة بين جميع مكوناته. حق الأربعة أصوات للناخب في نظام الدوائر الخمس أسس لوجود القوائم الطائفية والقبلية بشكل واسع، ففي الدائرة الأولى هناك قوائم طائفية صرفة متقابلة - متناحرة، وكذلك في الدائرتين الثانية والثالثة، بينما قوائم القبائل المحصورة في خمس قبائل تسيطر على الدائرتين الرابعة والخامسة ولها امتداد في بقية الدوائر هو حقيقة راسخة، هذا الوضع الذي نشأ عن نظام الخمس دوائر المرتبط بحق الأربعة أصوات أوصل البلد إلى حالة توتر اجتماعي لم يسبق لها مثيل، تجلت في اقتحامات المرافق العامة والخاصة وحرق مواقع، والاعتداء على قوات حفظ النظام والأفراد، وهو الأمر الذي يجعل معالجة النظام الانتخابي أمراً من الضرورات التي توجبها حماية السلم الأهلي والأمن الوطني. لذلك فإن إقرار تعديل قانوني على حق الناخب وقصره على صوت واحد في الانتخابات النيابية المقبلة كسائر الأنظمة الانتخابية، هو عمل وطني سيحسب للسلطة من قبل المخلصين والمنصفين البعيدين عن الحسابات الانتهازية السياسية، لكون النظام الانتخابي الرباعي أسس لانتخابات القوائم على شكل حزبي، دون أن يكون هناك قانون ينظم التجمعات والهيئات السياسية لكي يمنع الطائفي والقبلي والفئوي منها، وهو أمر خطير في مجتمع متنوع الانتماءات والمذاهب، حتى لو كانت هذه التحالفات الانتخابية لا تمثل العمل الحزبي بشكل كامل، وتتشكل لأغراض انتخابية فقط، لحصر أغلبية التمثيل البرلماني في تجمعات دينية وقبلية كبرى والمتحالفين معها على حساب بقية مكونات المجتمع والأقليات في كل الدوائر الانتخابية، لذا فإن تعديلاً على حق الناخب في الانتخابات المقبلة واقتصاره على صوت واحد سيكون مخرجاً ملائماً لأزماتنا الدائمة وهيمنة واستبداد الأغلبية الناتجة عن التجمعات الاجتماعية والمذهبية الكبيرة، سيقدره غالبية الكويتيين وسيكون منظوراً للبت فيه أمام ممثلي الأمة في المجلس المقبل، كما حدث في مجلس 1981. *** السيد محمد الدلال النقابي الطلابي والناشط السياسي الحدسي السابق، والنائب الذي كأنْ لم يكن بناءً على حكم المحكمة الدستورية حالياً، يحاول منذ تجمعات ساحة الإرادة أن يقوم بدور الزعيم السياسي من خلال لعب دور الخطيب المفوّه خلف الميكرفونات، ولكنه للأسف لا يملك الكاريزما ولا مقومات الخطابة، ولذلك لم يكن مقنعاً لي وللكثيرين منذ ظهوره على الساحة، وفي خطابه الأخير في ديوان العم أحمد السعدون ظهر كبقية الإخوان المسلمين في الآونة الأخيرة بنبرة الزهو والقوة الناتجة عما حققوه في مصر وتونس، وعندما قال الدلال في بداية كلمته إنه بيان "الأمة" من ديوان السعدون أحسست أنه يخطب في ميدان التحرير بجانب المرشد العام وسيادة الرئيس محمد مرسي... بينما هو في الواقع في الخالدية أمام بضع عشرات من الحضور وبيانه أعده حفنة من السياسيين وشباب كوادر حدس، والأمة الكويتية – إن انطبق مصطلح الأمة على الكويت - لم يشارك كل ممثليها في بيانكم... فقليلاً من التواضع وهونها وتهون يا الدلال، وبمناسبة الأولويات والوعود الانتخابية أسألهُ لماذا لم تنجز قانون الذمة المالية الذي وعدتم به خلال 4 أشهر من ترؤسك للجنة التشريعية في مجلس 2012 غير الشرعي؟!