يقال إن للعولمة أثراً في إزالة الحواجز بين الدول والربيع العربي في اختراقها، وسواء كانت الأزمة متمثلة بالإزالة أم بالاختراق فلا شك أن إزالة الحواجز أو سهولة اختراقها كشفت هشاشة الدول تحت مظلة جامعة الدول العربية، وضعف مناعتها تجاه الاقتصاد والسياسة معاً.

Ad

 فالمناعة الاقتصادية ضعفت وتمثلت حسب التقارير الاقتصادية العالمية بتزايد الإنفاق الخليجي في الخارج، أما السمات السياسية فلعل أبسطها هو الحديث عن نقل النموذج الأوروبي في التكامل إلى دول الخليج، وذلك من خلال ربط دول المنطقة، وانخفاض المناعة السياسية تمثل بانتقال الربيع العربي من دولة إلى أخرى، ثم انتقل إلى فترة "الربيع التشريعي" العربي وبالأحرى الثورة في التغيير الدستوري والانتخابي للدول العربية.

وبالعودة إلى جامعة الدول العربية، فإنه لم يخطر ببال أحد عندما وقع مندوبو الدول، وكانوا سبعة فقط ميثاق الجامعة العربية بقصر الزعفران في القاهرة، أن المنطقة العربية المتميزة باعتباراتها التاريخية والسياسية والاقتصادية، ستعاني الانقسامات الداخلية التي تتعرض لها الآن حول القضايا المحلية والإقليمية، إذ تعزز الانقسام فور انتهاء الحرب الباردة حول التعامل مع مواجهة آثار العدوان الصدامي على الكويت، ثم استمر الانقسام حول العراق عام 2003.

واليوم عاد الحديث حول المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل والتي ابتدأت منذ عام 1981 مع قمة فاس بالمغرب، والمبادرة ذات النقاط الثماني المتضمنة انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلت عام 1967، بما فيها القدس والمستعمرات العربية التي أقامتها إسرائيل بعد عام 67، وضمان حرية ممارسة الشعائر للجميع، وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة، وتعويض من لا يرغب في العودة، وخضوع غزة والضفة الغربية لفترة انتقالية للأمم المتحدة، وحق دول المنطقة للعيش بسلام.

 واستمر الانقسام عندما رفضت مصر وقتها الاتفاقية؛ معلنة تمسكها باتفاقية كامب ديفيد، فرفضتها إسرائيل رغم حماس المجموعة الأوروبية، ومنذ ذلك اليوم والجامعة تفتقر إلى الجهاز الاستشاري الفاعل في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية، وتعزز الضعف في فترة ما بعد الربيع العربي، فانكشفت هزالة البنى في مؤسسات اتخاذ القرار الخارجي.

اليوم وبعد مرور سنوات على مبادرة السلام في مؤتمر بيروت عام 2002، وسط القبول العربي والعالمي، يعاد فتح ملف عملية السلام ويستمر البحث عن إيجاد الآلية المناسبة لإدارة النزاع ودراسة المقترحات الإقليمية.

فهل المشكلة متعلقة بفوارقنا الفكرية وثقافاتنا المختلفة وتباعدنا الفكري؟ فأوروبا باختلافاتها أوجدت كياناً ولغة تتخاطب بها وتخاطب الخارج، وأصبحت تمثل كتلة سياسية واقتصادية، أما  أعضاء الجامعة العربية فما زال الخلاف والاختلاف سيدي الموقف، فالعمل المتكامل مفقود، والإعلام العربي تحول إلى خطابات الإشادة بدلاً من رسالة المواطن العربي!!

كلمة أخيرة:

اخترق الاستقطاب السياسي تجاه الانتخابات الأخيرة الكيان الاجتماعي، وبرزت الخلافات حول المتعاطفين مع المقاطعة ومؤيدي المجلس المنتخب، فانعكست على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جارح، وهي مسؤولية تقع على الحكومة وأعضاء المجلس في البعد عن الاستثمار في الخلافات!!