ما الذي يحرك هذه الأزمة الوشيكة ازاء قدرة أميركا على المنافسة على المستوى الدولي؟

Ad

فيما تبدو المشكلات كثيرة أركز في هذا السياق على خمسة أسباب هي الأشد تأثيرا، وفقاً لاثنين من أساتذة كلية الأعمال في جامعة هارفارد وهما مايكل بورتر وجان ريفكن:

1 - ارتفاع معدل الهدر في تكلفة انجاز الأعمال.

2 - تراجع القدرات والمهارات الابداعية.

3 - ضعف انتاجية الموارد الرئيسية.

4 - زيادة «الحوافز المفسدة للشركات التجارية».

5 - تداعيات الوضع المالي للبلاد.

هذا تقييم قاتم بشكل كبير. ويشير بورتر وريفكن في مقالة حديثة في مجلة الايكونوميست الى أن التحديات باتت ملحة بقدر أكبر بسبب النقص، وخاصة لدى الطبقة السياسية الأميركية، في استيعاب مفهوم المنافسة وأهميتها وما الذي تتطلبه من أجل الازدهار والنمو:

«يتعين علينا أولاً أن نزيل التشويش المتعلق بالتنافسية. والولايات المتحدة ذات قدرة تنافسية تستطيع معها الشركات العاملة هنا أن تنافس بصورة ناجحة في الاقتصاد العالمي فيما ترفع في الوقت ذاته من مستويات معيشة المواطن الأميركي العادي. ولكن مع قدرة الشركات على المنافسة، ينبغي أن ينعم الموظفون بالرفاهية أيضاً. وتوافر أحد العاملين من دون الآخر لا يمثل منافسة حقيقية ولن يكون مستداماً. ولذلك فإن التنافسية تتطلب بيئة أعمال تمكن الشركات والعمال من تحقيق انتاجية عالية في الأجل الطويل».

وعلى الرغم من أهمية وضخامة المشكلة فإن المؤلفين وهما مشاركان رئيسيان في

«مشروع تنافسية الولايات المتحدة» في كلية الأعمال التجارية في هارفارد على ثقة بقدرة الولايات المتحدة على استعادة موقعها بين الدول الرائدة في التنافسية الدولية» ويمكن انجاز ما يقترحانه كعلاج للمشكلة بصورة كفوءة خلال سنتين أو ثلاث سنوات – اذا ما تم تطبيق مبادرتهما المقترحة والمكونة من 8 خطوات.

وتشتمل خطتهما على جهود ترمي الى اعادة رسم السياسات الأميركية في كل مجال بدءا بسياسة الهجرة الى الوضع المالي الفدرالي والضرائب والتجارة والتنظيم، اضافة الى بروز تفكير حديث ازاء البنية التحتية والطاقة والتجارة.

والآن، وفي ما أفهم تماماً أن الأستاذين المذكورين لم يحاولا وضع قائمة «من الجدار الى الجدار» لكل عامل محدد يسهم في أزمة التنافسية التي تواجه أميركا فقد صدمت لرؤية عدم اشتمال أولوياتهما الثماني بشأن تغير السياسة على أي شيء يتعلق بإصلاح نظام التعليم العام الكارثي في الولايات المتحدة.

وأنا أقول «كارثي» مع علمي التام بأن الملايين من الشبان الأميركيين يحصلون على تعليم قوي ورائع في بعض الأحيان في مدارسنا العامة، ولكن:

1 - عندما «يتخرج» الملايين من الفتيان الأميركيين كل سنة من المدارس الثانوية ولديهم استيعاب على مستوى مدرسة ابتدائية في القراءة والرياضيات، وقليل من المعرفة أو غياب المعرفة بالتاريخ، فإن تلك كارثة.

2 - وعندما تقارب معدلات الانقطاع عن الدراسة في العديد من المدارس الثانوية الحضرية نسبة الثلاثين في المئة أو الأربعين في المئة فإن تلك كارثة.

3 - وعندما تخرج شرائح ضخمة من جيل كامل من المدارس العامة ولديها القليل أو لا شيء من المعرفة بشؤون العالم من حولها، واستعداد قليل أو انعدامه للمساهمة بصورة ذات معنى في الأعمال التجارية أو المؤسسات الاخرى التي تتنافس في العالم من حولها فإن تلك كارثة.

وفي ما أنا من كبار المعجبين عموماً بعمل مايكل بورتر وجان ريفكن أجد أن من غير المفهوم عجزهما عن استنتاج ان أحد أكثر الأخطار المؤلمة بالنسبة الى التنافسية الأميركية إنما يتمثل في حقيقة أن مدارسنا العامة تطرح سنة بعد أخرى الملايين من الشبان من ذوي التعليم الضعيف وفي بعض الحالات غير المتعلمين.

ومع أهمية كل واحدة من المبادرات الثماني التي وردت في قائمة بورتر– ريفكن لن تكون ثمة قيمة لأي واحدة من تلك المبادرات اذا استمرت الولايات المتحدة الأميركية في تخريج شبان من المدارس الثانوية ليست لديهم قدرة على القراءة الصحيحة بل وحتى من الجامعات وليست لديهم القدرة على التفكير.

وفي ما يلي نظرة سريعة على خطة المبادرات الثماني التي طرحها بورتر– ريفكن من أجل استعادة أميركا لقدرتها التنافسية – بما في ذلك مقتطفات قصيرة من كل واحدة:

1 – اصلاح سياستنا المهترئة في مجال الهجرة: «يتعين علينا أن نوفر بطاقة خضراء الى كل خريج جديد في الرياضيات والعلوم والهندسة والإدارة» وفقاً لرأي المؤلفين المذكورين.

2 – تحديث قانون ضرائب الشركات: «قانوننا الخاص بضرائب الشركات، كما يقول زميلنا ميهرديساي، هو الأسوأ في العالم».

3 – وضع سياسة ضريبية مناسبة لتشجيع الشركات متعددة الجنسية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها: «يوجد اليوم نحو 1.4 تريليون دولار على شكل أرباح دولية لشركات أميركية تائهة في الخارج وليست متوافرة للاستثمار هنا بسبب النظام الضريبي». يقول بورتروريفكن.

4 – تنفيد قوي وفعال لسياسات التجارة والاستثمار العتيقة: «يتعين أن تكون الولايات المتحدة أكثر تأثيراً في الميادين الدولية».

5 – إلغاء الأنظمة غير المنطقية – والتفكير التنظيمي غير المنطقي: «في ما تقوم معظم الدول بتبسيط وتحديث الأنظمة، تعمد أميركا الى اضافة المزيد من طبقات تكلفة التنظيم كما لو أننا نعتقد أن الشركات الأميركية لاتزال مهيمنة بقوة بحيث تستطيع استيعاب أي أعباء اذعان اضافية».

6 – إبعاد السياسة عن الإنفاق الخاص بالبنية التحتية: «معظم الأموال التي نخصصها للبنية التحتية تنفق بشكل سيئ، ولأهداف تحفيزية قصيرة الأجل.

7 – تقرير ما اذا كانت لدينا الجرأة على تحقيق استقلالية الطاقة: «وبدلاً من انتهاز هذه الفرصة فقد علقنا في مجادلات عقائدية حول المساعدات المتعلقة بالموارد المتجددة والتأثير البيئي لتقنيات الإستخراج الجديدة ومااذا كان علينا السماح بصادرات الغاز الطبيعي».

8 – وضع ميزانية فدرالية مستدامة: «كلما طال تهرب الحكومة الفدرالية من مسؤوليتها تناقصت ثقة القطاع الخاص في الحكومة، مع ما يفضي اليه ذلك من عواقب كارثية بالنسبة الى الاستثمارات الخاصة».

ومما لاشك فيه أن العديد منكم سوف يعترض على البعض من هذه المقترحات الخاصة بالسياسة، وسوف يكون لدى العديدين أفكار اضافية يشعرون انها تستحق الأولوية. غير أن الشيء الذي أعجبني في هذه القائمة من بورتر– ريفكن هو كونها قد ركزت على قضية تتسم بأهمية بالغة وهي – التنافسية – التي يمكن أن تكون لها أصداء قوية على كل جوانب الحياة الأميركية وعلى كافة شرائح السكان في الولايات المتحدة.

وختم المؤلفان بالقول: «لننذر الرئيس والكونغرس الجديدين بأننا لن نستطيع الانتظار والتقاعس لفترة أطول».

* بوب ايفانز