كيف لنا أن نفسر هذا السلوك المنحرف- اتهام الشيعة بقلب نظام الحكم- من قبل من يعتبرون أنفسهم رموزاً سياسيين وقادة في قوى سياسية يفترض أن تكون القدوة والنموذج في التعامل والتنسيق مع الآخرين في العمل الوطني المشترك والمساهمة في طرح ما هو الأفضل لمفاهيم دولة القانون والمؤسسات ومبادئ العدالة والمساواة التي نص عليها الدستور؟!

Ad

ليس غريباً أن يخرج علينا من وقت لآخر من يحاول أن يدق إسفين الفتنة، وبكلام يصل إلى أدنى درجات سوء الأدب والوقاحة من أجل إشعال النار بين مكونات المجتمع، ولكن الغرابة أن يكون توقيت ذلك مع الحالة السياسية المتأزمة في البلد، حيث الديمقراطية الدستورية برمتها على المحك.

وإذا أخذنا بعض التحرشات الصبيانية على محمل المراهقة السياسية كأنها محاولات يائسة لإثبات الوجود وإيجاد موطئ قدم على الخريطة الانتخابية، ولو على حساب مشاعر الآخرين وخصوصياتهم ومعتقداتهم، فكيف لنا أن نفسر هذا السلوك المنحرف من قبل من يعتبرون أنفسهم رموزاً سياسيين وقادة في قوى سياسية يفترض أن تكون القدوة والنموذج في التعامل والتنسيق مع الآخرين في العمل الوطني المشترك والمساهمة في طرح ما هو الأفضل لمفاهيم دولة القانون والمؤسسات ومبادئ العدالة والمساواة التي نص عليها الدستور؟!

وهنا لا بد من الإشارة المباشرة إلى تلك التصريحات الرخيصة التي أطلقها أحد هذه الرموز، ومع الأسف في التيار الديني ضد الشيعة واتهام هذه الشريحة الكويتية بقلب نظام الحكم، بأنها بالدرجة الأولى إساءة بالغة إلى الجيل الذي ينتمي إليه ممن نسميهم بالآباء والأجداد، فدائماً نقول إن مصطلحات سنة وشيعة وحضر وبدو لم نسمع بها إلاّ الآن، وننقل ذلك عن آبائنا وأجدادنا، ولا أدري أين ترعرع هذا الرجل طوال سبعين سنة؟!

وشخصياً أعتقد جازماً أن مثل هذه التصريحات لا علاقة لها بالشأن السياسي العام ولا المواقف السياسية تجاه المطالبات الدستورية أو المحكمة الدستورية أو غير ذلك؛ بدليل أن القوى السياسية بما فيها التجمع السلفي والحركة الدستورية والمنبر الديمقراطي وأبناء القبائل والتجمعات الشيعية لها مواقف مختلفة ومعلنة، ولماذا لا نسمع هكذا تخوين وضرب في الوحدة الوطنية من رجال قد نختلف معهم أيضاً في مواقف واجتهادات مثل أحمد باقر وعلي العمير؟ إنها أعراض من أمراض نفسية وعقول متخلفة لا أكثر!

ولا أعتقد أن موقف المعارضة اليوم يدعو إلى مثل هذا الفكر المريض، فلماذا لم نجد أحمد السعدون أو مسلم البراك أو عبيد الوسمي أو عبدالرحمن العنجري أو صالح الملا أو رياض العدساني أو خالد الطاحوس وغيرهم يتاجرون بمثل هذه التصريحات القبيحة، وإن كان الواجب عليهم التصدي وبشكل صريح لمن تسول له نفسه ضرب الوحدة الوطنية، ولا يمكن أن تكون تحب الكويت أكثر منهم؟!

كما أن صكوك الولاء والوطنية لا يستجديها أحد من أحد، ويجب علينا كمواطنين أن تكون ثقتنا بأنفسنا أعلى بكثير من تصريحات أطفال السياسة مهما كانت أعمارهم الحقيقية، وأن نرتقي بأن نجعل القانون والقضاء هما جهة القصاص لتأديب زراع شوك الفتن بيننا وليس بسكب المزيد من الزيت على النار.