إطارات الوحدة الوطنية!
تذكر عزيزي المواطن أن من سيقوم بطباعة هذا المقال على "الجريدة" سنّي، ومن سيقوم بتوزيع الصحيفة شيعي... نعم، هذه هي الوحدة الوطنية المطلوبة.هكذا وباختصار وصلنا في الكويت إلى مرحلة من السخافة في الدندنة على موضوع الوحدة الوطنية مع كل أمر نقوم به، وبالأخص مع أي كارثة تحل بنا، فما تداولته مجموعة كبيرة من الكويتيين على "تويتر" وعبر رسائل الموبايل عن قصة "السنّي والشيعي" في محاربة نيران إطارات "رحيّة"، تصيب كل من لديه "عقل" بالاشمئزاز من هذا الأسلوب.
أعتقد، كما يعتقد الكثير، أن من يستخدم هذا الأسلوب ليس سوى واحد من أولئك الذين يبثون سمومهم خفية ويدندن على موضوع الوحدة الوطنية علناً.وفاة الكابتن سمير سعيد، وحريق إطارات رحية، وحادث هنا، ومصيبة هناك، كلها تتخذ منحى الرسائل المذكورة في الأعلى، وغريب أن يجهل أصحابها في 2012 أن قصة الوحدة الوطنية أصبحت ثوبا بالياً وخديعة كبرى عشنا فيها. جميع الطوائف والأديان تختلف فيما بينها، ولا يمكن لشخص متعلق بدينه أيا كان أن يسمح لخطوطه الحمراء بالانكسار أمام الآخر من أجل ما يطلق عليه بالوحدة الوطنية، هذا الشعار المطاطي الذي نتغنى به يومياً دون اعتبار لما هو أهم من هذا الأمر.علينا الإيمان بأنه لا شيء اليوم اسمه وحدة وطنية، بل هناك طوائف وأديان "تتعايش سلمياً" تحت راية قانون ومسطرة واحدة تطبق على الجميع لحماية الفرد في ممارسة عقيدته ودينه واحترامه لدين الآخر.أي فرد مؤمن بأي دين هو في النهاية مواطن، يتضايق ويفرح لمواطن آخر من دين آخر ربما، ليس من باب "الوحدة الوطنية" بل من باب الصداقة والمعرفة والمواطنة والإنسانية، فهم يصبون في بوتقة واحدة للدفاع عن الوطن في أي مصيبة تحل به، وهو من يضع يده بيد شخص آخر قد لا يؤمن بدين ولكن من باب حق الوطن على المواطن وحباً للوطن، ولن ينتظر أحداً يقول "شوفو فلان من المذهب الفلاني، وعلنتان من المذهب العلنتاني".حماية الأديان والأفراد تحت راية القانون هي المطلب، وجميع رسائلكم لن تؤدي إلى نتيجة سوى زيادة الفرقة في تقسيمنا للمجتمع ووضع علامة تجارية على وجه كل شخص تدل على دينه، فدعونا نتعايش سلمياً ونحترم عقائد بعضنا بعضا، على الأقل من أجل الكويت التي ملّت منّا وتعبت وتنتظر من يعيد عرسها.