نتساءل دوما عن عوامل استقرار الأنظمة المختلفة، ونبحث في   أساليب وأنماط المشاركة السياسية لعلنا نجد الأفضل أو الأنسب، قديماً بدأ أرسطو رحلة البحث عن مسببات الثورات، ثم جاء الرومان بنظام الملكية والدستور الذي زاوج بين الأرستقراطية والديمقراطية.

Ad

 بعدها قام ميكافيللي باستعارة الأفكار ليربط الاستقرار بتعزيز السلطات المطلقة رغبة في الوصول إلى النظام السياسي والانتخابي المناسب، وبما أننا تناولنا موضوع آسيا سابقا، فلنعرج على القارة الأميركية لنتابع النظام السياسي والانتخابي هناك.

ونحن نشهد اليوم المراحل الأخيرة للسباق الرئاسي الأميركي، فلا بد أن ننظر وبشكل سريع إلى مكونات النظام السياسي الأميركي، حيث شهدت البيئة الأميركية تاريخياً انقساماً بين أنصار الفدرالية ومعارضيها، فهاملتون ترأس الفدراليين ومصالح الشمال التجارية والصناعية، وأيد قيام حكومة مركزية قوية، بينما جيفرسون الجمهوري (كان اسم الحزب مركب من الجمهوري الديمقراطي) أيد الاهتمامات الزراعية بالجنوب وأيد الدور المحدود للحكومة الفدرالية انطلاقا من الثقة برجل الشارع العادي، خلال فترة حكم الرئيس واشنطن.

وباختصار شديد بعد دخول الأحزاب في أعداد وأشكال مختلفة استقر الأمر على الديمقراطيين والجمهوريين، وهناك عدد لا بأس به من المستقلين المستقطبين للجهود الانتخابية هذا العام. فبدأ الحزب الجمهوري في العام الماضي بعقد جلسات الجمعيات الانتخابية، حتى استقر الأمر على اختيار ميت رومني الأكثر شعبية ليدخل سباق الرئاسة أمام أوباما، وتسابقت مرة أخرى المحطات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية في تحليل محتوى المناظرات، وعلى الأخص المناظرة الثالثة التي تناولت قضايا الشرق الأوسط.

ولأن التقارير التحليلية كانت متضاربة حسب مزاج الدول تجاه الولايات الأميركية، قررت أن أتابع المناظرة الثالثة بنفسي عبر اليوتيوب لأسجل ملاحظاتي وانطباعي، فابتدأ رومني بانتقاد إدارة ملف الربيع العربي وخيبة أمله في النتائج، وفشل بناء الدولة في ليبيا، وأبدى مخاوفه من التعامل مع روسيا، فرد أوباما بتحديد الأولويات وهي الأمن بالدرجة الأولى. أما عن ليبيا فأشار إلى أهمية إدارة الأزمة، وحول روسيا تحولت استراتيجية الحديث لأوباما من التفسير والتبرير إلى الهجوم، فاتهم رومني بالتناقض مع الأحداث الدولية، سواء كانت حول الوجود الأمني في العراق أو التعاون مع روسيا.

أما عن العرب أنفسهم وفي عدة لقاءات عبر الصحف الإلكترونية مع مهاجرين عرب أبدت مجموعة "الفيسبوك العربية" أن أولوية  الحياه اليومية للمهاجر العربي هي الاقتصاد، وأثارت مخاوفها من  التمييز في سوق العمل ضد المهاجرين العرب، وخشيتها من الإسلاموفوبيا، واتهمت المجموعة الإعلام الأميركي بترويج صورة سلبية للمسلمين.

 وقد ساهم على حد تعبيرهم باراك أوباما بتحسين صورة المسلمين ولفترة بسيطة لا أكثر، ولا يخفى على أحد أن الأمن أولوية المهاجرين من دول الشمال الإفريقي التي انعدم فيها الأمن إثر أحداث الربيع العربي.

وفي النهاية فالمشاركة السياسية هي جزء من اتخاذ القرار، وإن غاب اللوبي العربي أو الإسلامي الفاعل فقضايا الدول العربية خاصة والعالم الإسلامي بشكل عام عادت لترتكز محاورها في السباق الرئاسي الأميركي، فهل تتحسن الأحوال مع الرئيس الفائز؟