في اليوم التالي على صدور حكم محكمة الجنح ببراءة أفراد القوات الخاصة المتهمين بالضرب والاعتداء على د. عبيد الوسمي على خلفية أحداث ديوان الحربش، وردا على تصريحات النواب الماسة بالقضاء وبالحكم الصادر يصدر وزير العدل ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية جمال الشهاب تصريحا "لا يعرف كوعه من بوعه" ويحتاج إلى العديد من شفرات الاستخبارات حتى يتمكن القارئ من فك طلاسم مقاصده، وعما إذا كان موجها لصالح القضاء أم ضده!؟ وهل كان يريد كف الهجوم الذي تعرض له القضاء بعد صدور الحكم؟! أم أنه يبارك جهود بعض النواب المستنكرة ما انتهى إليه الحكم القضائي ببراءة المتهمين، وأنه يشاركهم الهم بأن الحكم القضائي أخطأ وكان يتعين أن ينتهي إلى إدانة المتهمين بدلا من براءتهم لتصبح بالفعل كما اعلن النائب عبدالرحمن العنجري ساخرا بعد صدور الحكم في حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر بأنها "محكمة الفريج"!

Ad

وفي اليوم التالي عقب تصريحه الأول بدلا من "يكحلها معالي الوزير عماها" ويقول إن لا سلطة معفية من رقابة الشعب وهنا وللأسف معالي الوزير المحامي الذي روج له البعض قبل سنوات لكي يترشح لمنصب رئيس جمعية المحامين لا يدرك تماما نص المادة 50 من الدستور بل أنه لم يقرأ بالتأكيد نصوص المواد 162 و163 من الدستور، وذلك لأن تصريحاته التي أدلى بها على يومين متتاليين ما هي إلا تشكيك في حكم محكمة الجنح الصادر ببراءة المتهمين في قضية الاعتداء على الوسمي، وكان يتعين عليه بدلا من مغازلة الرأي العام بأن يطلقها "وبالفم المليان بأن الحكم ابتدائي وهناك استئناف للحكم ونرفض كل محاولات الإساءة لأحكام القضاء وان ما صدر من بعض النواب وغيرهم مجرم وفق نص المادة 147 من قانون الجزاء والتي تعاقب كل من يسيء الى الاحكام القضائية بالسجن سنتين إلا أن وزير العدل أراد أن يطفئ نار النواب وكل من أطلق كل أنواع الإهانة والتجريح بوجه القضاء في محاولة لامتصاص غضبهم، ولكن على حساب سمعة أحكام القضاء، وهو أمر لا يمكن تفسيره إلا رغبة الوزير بكسب ود ساحة الإرادة بتصريحاته لعلها تنفعه مستقبلا بترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمة، فهو من أعفى المستشار عادل الهويدي من منصبه في إدارة التسجيل العقاري، وهو من تقدم باستقالته عندما قررت الحكومة رد قانون الإعدام، وهو من "طبطب بتصريحاته من يومين على كتف من هاجموا القضاء" دون أن يدرك بأن ما صدر هو حكم ابتدائي وما تصريحه بأن الحكم أخطأ إلا زلة لا يمكن أن تغتفر من وزير محام يدير وزارة العدل! لم يترك وزير العدل بتصريحاته على يومين متتاليين أي شك للرأي العام لتصديق ما عبر عنه النواب وغيرهم من ان الحكم الصادر قد أخطأ ببراءة المتهمين، خاصة أن تصريحاته دارت في فلك تأييد تصريحات النواب المستهجنة للحكم القضائي والتي كانت على ما يبدو منتظرة حكما بإدانة المتهمين، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ماذا لو جاءت محكمة الجنح المستأنفة وأيدت حكم محكمة أول درجة ببراءة المتهمين فهل سيقول معالي الوزير ان محكمة الجنح المستأنفة أخطأت هي الأخرى من بعد حكم محكمة أول درجة أم أنه سيستقيل من منصبه!

شخصيا كنت أنتظر بيانا صحافيا من القضاء يستنكر كل الهجوم الذي تعرض له الحكم القضائي والرد على بعض ردود الفعل المهينة للحكم القضائي والتي ما هي إلا تهديدات مبطنة يجب عدم السكوت عنها حماية لسمعة القضاء وآخر تلك التهديدات ماعبر عنه النائب وليد الطبطبائي من أنه يطالب مجلس القضاء باجتماع عاجل لاتخاذ إجراء حازم بحق الحكم الخطير بحسب ما أسماه، وسبق له قبل أسبوعين التصريح بجريدة الراي بأن الحكم في قضية اقتحام المجلس سيكون البراءة إذا كان الحكم مجردا أما في حال تم تسييس الموضوع فهناك من أطلق علينا حكما مسبقا بما يخالف نصوص المواد 162 و163 من الدستور و146 و147 من قانون الجزاء!