المشوار طويل يا سادة!

نشر في 04-12-2012
آخر تحديث 04-12-2012 | 00:01
كررتُ وسأظل أكرر أن على الحراك الشعبي أن يستعد لنضال سياسي طويل ممتد يجب أن يظل في إطار السلمية، وأن يحسن استخدام كل الأدوات المتاحة في هذا السياق، من أدوات إعلام وندوات واعتصامات ومسيرات وغيرها، بشكل تصاعدي تكتيكي دقيق لا يحتمل الفوضى والتخبط، وألا يستعجل قطف الثمار.
 د. ساجد العبدلي    انتهت الانتخابات "ذات الصوت الواحد" إلى ما كان متوقعاً لها بطبيعة الحال، فخريطة الأسماء التي ظهرت كانت نتاجاً مباشراً وصريحاً لعدم مشاركة كثير من الأسماء ذات الحظ الأوفر، وكذلك نتاجاً لمقاطعة نسبة كبيرة من الناس عن المشاركة بالتصويت في هذه الانتخابات، لذلك فلا محل للتذمر أبداً مما آلت إليه الأمور، وخصوصاً ممن قاطعوا، فهذه رسالة سياسية أرادوا لها أن تصل إلى متخذ القرار، ولكل رسالة كلفتها. وفي المقابل فمن حق مَن شاركوا في هذه الانتخابات ترشحاً وتصويتاً، إما لإيمانهم بصحتها وإما لأي سبب آخر لا يهمني هنا أن أتفكر فيه، أن يفرحوا بنتائجها حين جاءت موافقة لما يريدون وهذا منطقي أيضاً.

مرادي من هذا الكلام أن هذه هي الطبيعة الموضوعية للسجالات السياسية، فمرة تميل الكفة هنا ومرة تميل هناك، طالما أنها ظلت في الإطار الذي يحتمل الرأي والرأي الآخر. لكن إن كان هناك من يؤمن، وأعني هنا في المقام الأول المعارضة والتيار المقاطع للانتخابات، بأن ما يجري قد خرج عن دائرة هذا السجال القابل لتعدد الاجتهادات والآراء بطبيعته، فعلى هذا الطرف أن يكون واضحاً وصريحاً مع نفسه ومع جماهيره في تسمية الأشياء بأسمائها، وأن يحدد ماهية الصراع الذي بات يراه وما هي طبيعته؟ وبعد ذلك ما يجب أن يترتب عليه من خطوات وإجراءات وأدوات سيستخدمها في التصعيد والمواجهة؟

وأهل الحكمة يدركون أن هذا الوضوح وهذه الصراحة في مكاشفة الذات أولاً والجماهير ثانياً بحاجة إلى جرأة فكرية راجحة قبل الجرأة الخطابية المنفعلة، وأعني بذلك أنها بحاجة إلى وعي وقدرة على مواجهة كل أبعاد المسألة والإلمام بكل تبعاتها قبل القفز إلى الخطابات الحماسية وشحن الجمهور الذي ستحركه الانفعالات والعواطف غالباً ولو نحو هدف غير واضح ولا معلوم.

على مدى مقالات عدة خلال الأشهر الماضية، كتبت وكررت وأكرر الآن وسأظل أكرر أن على الحراك الشعبي أن يستعد لنضال سياسي طويل ممتد يجب أن يظل في إطار السلمية، وأن يحسن استخدام كل الأدوات المتاحة في هذا السياق من أدوات إعلام وندوات واعتصامات ومسيرات وغيرها بشكل تصاعدي تكتيكي دقيق لا يحتمل الفوضى والتخبط، وألا يستعجل قطف الثمار، لأننا في هذا الصراع نسعى إلى صناعة كويت المستقبل في مواجهة كل التحديات الحاضرة، ومثل هذه النتيجة لا يمكن قطفها سريعاً، وإنما هي بحاجة إلى الكثير من البصيرة والجهد والصبر والأناة.

الاعتصامات السابقة والمسيرات ومقاطعة الانتخابات كلها كانت مفردات في هذا الصراع السياسي، والأيام القادمة يجب أن تحتشد فيها وتتوالى هذه المفردات بطريقة تصاعدية يكون معروفاً من يقودها، ويكون معروفاً قبل ذلك ماذا تريد؟ وإلى أين تتجه؟

back to top