قال تعالى في كتابه الكريم "وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ" سورة المدثر- الآية (45).

Ad

هذه الآية الكريمة تصور حال بعض البرامج الحوارية ذات الطابع الديني في المحطات الفضائية التي جعلت من الدين واختلاف المدارس الفقهية مادة إعلامية؛ لجذب أكبر عدد من المشاهدين دون أدنى مسؤولية تجاه مجتمعاتها، ودون أن نعرف مصادر التمويل لتلك القنوات ولا أسماء الملاك.

طبعاً التبرير جاهز، وهو أن ملاك وممولي القناة من عامة الناس، وهم لا يريدون ذكر أسمائهم كون العمل لوجهه تعالى! وهو صدقة جارية!

المريب في هكذا برامج وإلى جانب افتقادها أبسط قواعد المهنية هو الطريقة التي تنتهجها في مهاجمة المعتقدات لزيادة الخلاف بين أبناء الدين الإسلامي عبر اختيارها لمواضيع تثير وتزرع بذور الفتنة بواسطة معممين ومشايخ مثيرين للجدل، عليهم الكثير من الملاحظات، ومن كل المذاهب يتلونون للذي يدفع أكثربـ($$$).

خطورة هذا النوع من الشخصيات تكمن في قدرتها على تقمص دور المحامي عن الدين والذين يجيدون التمثيل إلى حد الاحتراف، ويعرفون كيف يدغدغون مشاعر الشباب المتدين ليضلوا بها بعضهم فينساقون وراءها ويتبنون أفكارهم دون إدراك لمعنى الآية الكريمة "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ". سورة النحل الآية (125)، لكنها المهنة التي تتعدى الأخلاق.

ما جرني إلى الحديث عن تلك الحوارات الدينية الهدامة هو حديث أحد الرجال الورعين حينما سألته عن نوع الضرر الذي يمكن أن يطول مجتمعاتنا الإسلامية من هكذا نقاش؟ فكان رده سريعاً ومختصراً في آن واحد، حيث قال "لو كان الأمر بيدي لحرمت مثل هذا الحديث ليس فقط على عوام الناس بل حتى المختصين منهم لأن ضرره أعظم من فائدته"، وأردف "إن مثل هذا النقاش لن يغير من الحال بشيء ولكن يمكن للكلام أن يؤدي إلى حمام من الدم، وهذا ما لا يرضاه الله ورسوله لنا".

هذا الرد نزل عليّ وعلى الحضور مثل الصاعقة، بحيث لم نستطع أن نسأل بعده، فقد كانت الإجابة موجزه تعبر عن واقع وجود بعض رجال الإعلام الديني الذين تركوا منهج التثقيف واعتمدوا منهج التفريق.

هذه البرامج هي من يجب مراقبتها ومنعها من البث واستبدالها ببرامج تبين محاسن ديننا الإسلامي والقبول بالتعددية المذهبية كسنّة طبيعية للخلاف الفكري الإنساني؛ لذا كان من الأولى أن تعد هذه البرامج على منهج توجيه المشاهدين لما يفيدهم في حياتهم التعبدية والفقهية دون التعرض للمذاهب الأخرى لينأوا بأنفسهم عن الخوض في كل ما يترتب عليه من مفسدة للبلاد والعباد.

النقطة الأخرى التي لا تقل خطورة عن تلك البرامج، هي الفيديوهات المبتورة المحملة على قنوات "اليوتيوب" التي تبث سموم البغضاء بين فئة الشباب، وما يتبعها من تدنٍّ في لغة الخطاب من تعليقات لا تليق بشباب مسلم، لأن قدوتنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن سبّاباً، بل كان في منتهى وغاية كمال الأخلاق.

ودمتم سالمين.